Visit us: 170 El-Horreya El-Ibrahimia Road, Bab Sharq, Alexandria

divinext
Contact Us

 رؤية قانونية جديدة

شهدت الساحة التشريعية المصرية في الفترة الأخيرة حراكًا واسعًا لإصلاح قوانين الإيجار القديمة التي ظلت تتنافى مع الواقع الاقتصادي وتقيِّد ملكيات الأفراد وتوقف الدورة العمرانية. وكجزء من هذا الحراك، طرحنا في وسائل الإعلام مقالات متتالية تسعى لتوضيح جوانب هذا التعديل وتقريبها من المواطن العادي. أحد هذه المقالات جاء في جريدة  الفجر  والتي نشرت بتاريخ  18/5/2025 بعنوان «الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد»، د . مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر- الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد. حيث تناول الفروق بين مفهومي الإيواء والمساكنة وتأثيرهما على علاقة المستأجر بالمالك وحق الامتداد القانوني لعقود الإيجار. هذا المقال كان نقطة انطلاق لعرض التغيرات التشريعية المرتقبة، لكنه لم يُفصِّل التاريخ القضائي أو الخلفية القانونية للمفاهيم. وانطلاقًا من حرصنا في مكتب الدكتور مصطفى الروبي – محامون . مستشارون، على تقديم مادة قانونية معمقة تواكب التشريعات الجديدة وتُجيب عن تساؤلات الجمهور والمتخصصين على حدٍ سواء، تأتي هذه الدراسة الموسَّعة لتستكمل ما بدأه المقال الصحفي، مع الإشارة إلى  المقالة التي نشرت لنا ببوابة اخبار اليوم الالكترونية     والتي  نشرت بتاريخ 18 /5 /  2025  بعنوان قانون الإيجار الجديد وأثره على التطوير العقاري د . مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر- الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد. وتهدف هذه الدراسة إلى توضيح المعنى القانوني لكل من الإيواء والمساكنة والاختلاف الجوهري بينهما، وتفسير كيف تعامل القضاء مع هذه المفاهيم عبر أحكام محكمة النقض، بالإضافة إلى بيان تأثير  قانون الإيجار الجديد رقم 164 لسنة 2025  على هذه القواعد، كما تتناول الدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه التعديلات، وتقدّم مجموعة من التوصيات العملية للمالكين والمستأجرين والمحامين تضمن حماية الحقوق وخلق توازن بين أطراف العلاقة التعاقدية.

قبل الشروع في التفاصيل، تجدر الإشارة إلى أن هذا الموضوع كان محل اهتمام سابق في مقالاتنا المنشورة على موقع المكتب حول قانون الإيجار الجديد وتعديلاته المختلفة، الأمر الذي يعكس التزامنا المتواصل بمتابعة التطورات التشريعية وتقديم تحليل قانوني شامل يساهم في رفع الوعي القانوني لدى المجتمع.

أولًا: الإيواء والمساكنة – التعريف والخلفية القانونية

معنى الإيواء

الإيواء أو الاستضافة هو أن يتيح المستأجر لغيره الإقامة معه في العين المؤجرة لفترة قصيرة أو طويلة على سبيل الضيافة أو التسامح، دون أن يكون لهذا الضيف علاقة تعاقدية مع المالك. هذا الضيف لا يكتسب صفة المستأجر الأصلي ولا يصبح طرفًا في عقد الإيجار، لأن وجوده مرتبط بإرادة المستأجر وهو قابل للانتهاء متى قرر الأخير ذلك. وتعتبر أحكام محكمة النقض أن الإيواء لا ينشئ سوى علاقة اجتماعية أو إنسانية، ولا يغيِّر من طبيعة العقد الأصلي، ولا يترتب عليه أي حق للضيف في البقاء بالعقار بعد انتهاء عقد الإيجار أو مغادرة المستأجر. إذا ترك المستأجر الأصلي العين المؤجرة للضيف أو غاب عنها نهائيًا، فإن ذلك يعد تنازلًا غير قانوني عن الإيجار أو تأجيرًا من الباطن يجيز للمالك طلب الإخلاء. هذا المفهوم يحمي حقوق المؤجر ويمنع التحايل على عقود الإيجار القديمة عبر استضافة أشخاص ثم تركهم يدّعون حقًا في العقار.

معنى المساكنة

على النقيض من الإيواء، تُعرَّف المساكنة بأنها إقامة شخص آخر غير المستأجر بالعقار منذ بداية عقد الإيجار واستمراره فيه بصورة مستقرة ومتواصلة دون انقطاع. المساكنة هنا ليست مجرد ضيافة، بل هي مشاركة فعلية للسكن منذ البداية بحيث يصبح للمساكن مصلحة معترف بها في امتداد العقد بعد وفاة المستأجر أو تركه للعقار. وتعرِّف أحكام محكمة النقض المساكنة بأنها مشاركة سكنية تنشأ عنها علاقة قانونية تتيح للشخص المساكن الحق في البقاء والانتفاع بالعقار وفق شروط محددة.

يتطلب ثبوت المساكنة شروطًا صارمة: أولها أن يكون المساكن قد أقام في العين المؤجرة منذ تاريخ تحرير عقد الإيجار، وثانيها استمراره في الإقامة دون انقطاع حتى الوفاة أو ترك المستأجر للعقار. وفي هذه الحالة يعتبر المساكن مستأجرًا أصليًا وفقًا للفقه والقضاء، ويستطيع المطالبة بامتداد العقد إليه حتى بعد انتهاء علاقة المستأجر الأصلي.

الفرق الجوهري بين الإيواء والمساكنة

الاختلاف الرئيسي بين المفهومين يكمن في طبيعة العلاقة والزمن؛ فالإيواء علاقة مؤقتة تُبنى على التسامح ولا تمنح الضيف أي حق قانوني في العين المؤجرة، بينما المساكنة هي علاقة مستمرة تمكّن الشخص المساكن من الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد الإيجار بشرط استيفاء الشروط السابقة. هذا الاختلاف أكدته المحاكم المصرية والعشرات من أحكام محكمة النقض، حيث تقرر أن المساكنة تخلق حقًا للمقيم في البقاء بالعقار، بينما الاستضافة لا تمنح هذا الحق. ومن ثم فإن فهم هذا الفارق يساعد الملاك والمستأجرين على إدارة عقودهم القانونية وضمان عدم ضياع حقوقهم.

ثانيًا: السياق التشريعي – قانون الإيجار الجديد لعام الفين وخمسة وعشرين

الخلفية التاريخية للإيجارات القديمة

شهدت مصر منذ ستينيات القرن الماضي تطبيق قوانين استثنائية للإيجار حدَّدت قيمة إيجارات منخفضة وثبتتها لسنوات طويلة، ما أدى إلى عدم توازن العلاقة بين المالك والمستأجر وخلق فجوة بين القيمة السوقية للعقارات والعائد الذي يحصل عليه الملاك. واستمر هذا الوضع لعقود، مما تسبب في ركود السوق العقاري وتدهور حال العديد من المباني نتيجة ضعف العائد وعدم قدرة الملاك على صيانة ممتلكاتهم. وتعالت الأصوات المطالبة بتعديل هذه القوانين لتحقيق العدالة بين الأطراف وتحفيز الاستثمار العمراني.

أهداف مشروع القانون الجديد

أصدر المشرِّع حزمة من القوانين في العام الفين وخمسة وعشرين لمعالجة مشاكل الإيجار القديم. يستند مشروع قانون الإيجار الجديد إلى إعادة التوازن بين حقوق المالك والمستأجر مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية، ويهدف إلى:

  • إنهاء العقود القديمة تدريجيًا: يحدد القانون مدة انتقالية للوحدات السكنية وغير السكنية يتم بعدها إنهاء عقود الإيجار القديمة، مع إلزام السلطات بتوفير سكن بديل للمستأجرين المستحقين أثناء الفترة الانتقالية؛ وهو ما ورد في تقارير صحفية حول مشروع القانون.
  • تصحيح القيمة الإيجارية: يقر القانون زيادات تدريجية على القيمة الإيجارية القديمة، مع تقسيم المناطق إلى فئات بحسب موقع العقار ومستوى الخدمات، وهو ما يسمح بتقارب الإيجار مع القيمة السوقية تدريجيًا من غير أن يشكل صدمة على المستأجرين.
  • حماية المستأجرين المستحقين: يشترط القانون عدم إخلاء أي مستأجر إلا بعد تأمين وحدة بديلة مناسبة، ويراعي كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ويُتيح للدولة توفير سكن بديل أو تعويض مالي ملائم. ويمنع إخلاء المستأجر الذي استمر في سكنه بشكل مستقر إذا لم تتوفر الوحدة البديلة، وهو ما يحافظ على الجانب الاجتماعي.
  • تنظيم العلاقة التعاقدية: تنص التعديلات على انتقال عقود الإيجار بعد انتهاء الفترة الانتقالية إلى عقود خاضعة للقانون المدني، وبالتالي تلغى الامتدادات التلقائية إلا وفق شروط خاصة مثل المساكنة. كما يحظر المشروع التنازل أو التأجير من الباطن إلا بموافقة خطية من المالك، وينظم كيفية التصرف في العين إذا تركها المستأجر أو ورثته.

أثر القانون على العلاقة بين المالك والمستأجر

يُفترض أن يساهم القانون الجديد في تحرير ملايين الوحدات السكنية والتجارية المغلقة، إذ تشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من مليون ونصف وحدة خاضعة لعقود الإيجار القديم تستفيد منها ملايين الأسر بأسعار زهيدة. تحرير هذه الوحدات تدريجيًا سيؤدي إلى زيادة العرض في السوق العقاري ويعيد دوران رأس المال، ما يُشجع المطورين على الاستثمار في تجديد المباني القديمة وترميمها. كما يُتوقع أن يحصل الملاك على دخل عادل يمكّنهم من صيانة ممتلكاتهم وتشجيعهم على إعادة تدوير رأس المال في مشاريع جديدة. أما المستأجرون، فيحصلون على فترة انتقالية مناسبة وفرصة للاستقرار في مساكن بديلة أو لتعديل نمطهم المعيشي وفقًا للظروف الاقتصادية المتجددة.

ثالثًا: الإيواء والمساكنة في ظل مشروع القانون الجديد

استمرار المفاهيم رغم التعديلات

ولقد أوضحنا في  مقالنا جريدة الفجر د . مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر- الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد.أن  قانون الإيجار الجديد لم يغير من طبيعة الإيواء أو المساكنة، بل أبقى على القواعد القضائية المستقرة بشأنهما. يعني ذلك أن الضيف الذي يقيم على سبيل الإيواء لا يكتسب أي حق في العين المؤجرة بعد انتهاء العلاقة الإيجارية، وأن المساكنة تبقى سببًا لامتداد العقد بشرط تحقق شروطها (الإقامة منذ بداية العقد واستمرارها دون انقطاع).

هذا التناغم بين القانون الجديد والأحكام القضائية السابقة يعكس حرص المشرِّع على ضمان الاستقرار القانوني وعدم خلق بلبلة في التعامل مع هذه المفاهيم. فعدم اعتراف القانون بحقوق للضيف المستضاف يضع حدًا لمحاولات استغلال الإيجارات القديمة عبر إيواء أشخاص ثم ادعاء حقهم في الاستمرار بالعقار. وفي المقابل، فإن الاعتراف بالمساكنة كسبب للامتداد يضمن حماية الأشخاص الذين شاركوا المستأجر الأصلي السكن منذ البداية، ولو لم يكونوا من الأقارب الذين نص عليهم قانون الإيجارات القديم، لأن فلسفة هذا الامتداد تقوم على العدالة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية، وليس فقط على صلة القرابة.

التزامات المالك والمستأجر

يضع مشروع القانون الجديد أعباءً وحقوقًا واضحة على طرفي العلاقة التعاقدية. فالملاك يمكنهم استعادة ملكياتهم بعد انتهاء الفترات الانتقالية أو في حال ترك المستأجر العين أو ارتكابه مخالفة مثل تأجيرها من الباطن دون إذن، لكن عليهم الالتزام بموجب إخطار المستأجر مسبقًا واستكمال إجراءات الإخلاء القانونية. أما المستأجرون، فإلى جانب حقهم في السكن البديل أو الحصول على تعويض مناسب، يجب عليهم الامتثال لزيادة الإيجار المقررة وعدم استضافة أشخاص على نحو يؤدي إلى تداخل الحقوق. كما يتعين عليهم إثبات المساكنة إذا كانوا يعتمدون عليها لطلب امتداد العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي أو مغادرته.

أثر القانون على الإيواء والمساكنة من منظور اقتصادي واجتماعي

إن إقرار مشروع قانون الإيجار الجديد يؤدي إلى إعادة توزيع الموارد العقارية بشكل أكثر عدلاً. فاستمرار الإيواء بشكله القديم كان يسمح بوجود شقق مأهولة بضيوف غير متعاقدين لفترات طويلة بأسعار زهيدة، بينما يعاني آخرون من ارتفاع أسعار الإيجار في السوق الحرة. إعادة تعريف الحقوق والالتزامات سيعمل على إعادة هذه الشقق إلى السوق أو دفع الملاك والمستأجرين إلى تسوية أوضاعهم. وفي الوقت نفسه، يحافظ القانون على حق المساكنة لأن وجود المساكن منذ بداية العقد يعني أن له علاقة اجتماعية واقتصادية بالعقار تستحق الحماية.

من الجانب الاجتماعي، يؤكد القانون أن العلاقة الإيجارية لها طابع عائلي وجماعي، وأن المستأجر لا يستأجر المنزل لنفسه فحسب، بل لإيواء أسرته ومن يرغب في استضافتهم لفترة معينة ولكن رغم هذا الطابع العائلي، فإن حقوق البقاء في العين واستمرار العقد تظل مقيدة بالشروط التي استقرت عليها أحكام محكمة النقض، ما يحول دون الإضرار بالملاك أو استغلال النصوص القانونية من قبل المستأجرين أو ضيوفهم.

رابعًا: الأحكام القضائية وأثرها على فهم الإيواء والمساكنة

تشكّل أحكام محكمة النقض مرجعًا أساسيًا لفهم تطبيق مفهومي الإيواء والمساكنة. وقد تضمن مقال فجر بعض الإشارات إلى هذه الأحكام، لكن من المفيد مراجعة أبرز السوابق القضائية:

  1. اشتراط تزامن المساكنة مع بداية العقد: أكدت محكمة النقض في أكثر من حكم أن المساكنة التي تمنح الحق في البقاء بالعقار بعد وفاة المستأجر أو تركه لها يجب أن تكون قائمة منذ بدء العلاقة الإيجارية، وألا يكون قد طرأ عليها انقطاع. ففي أحد الطعون أيدت المحكمة حق الطاعن في الامتداد لأنه أثبت أنه يسكن مع المستأجر الأصلي منذ توقيع العقد وحتى وفاته
  2. إثبات المساكنة وثبات الإقامة: تقضي محكمة النقض بأن تقدير القصد من الإقامة واستمراريتها يخضع لتقدير محكمة الموضوع، شريطة أن تكون أسباب الحكم سائغة ومؤدية للنتيجة. إذا أثبتت الأوراق والشهود أن المدعي انقطع عن الإقامة لسنوات أو اتخذ مسكنًا آخر مستقلًا، يُعتبر حينها غير مستحق لامتداد العقد، حيث ينقلب وضعه إلى مجرد استضافة
  3. الإيواء لا ينقلب إلى مساكنة: أكدت المحكمة في عدة طعون أن الإيواء أو الاستضافة لا ينقلب مهما طال أمده إلى مساكنة تخوِّل الضيف الحق في الاحتفاظ بالمسكن لنفسه. يشترط لتوصيفه كمساكنة أن تكون الإقامة منذ بداية العلاقة وبصفة دائمة
  4. اتفاق المستأجر مع المالك على حقوق للغير: تقرر المحكمة إمكانية اتفاق المستأجر والمالك على منح بعض الحقوق لشخص ثالث يقيم مع المستأجر، إلا أن هذا الاتفاق لا يعتبر تشريعًا عامًا بل التزامًا تعاقديًا بين الطرفين وبالتالي، يبقى جوهر العلاقة محكومًا بين المالك والمستأجر الأصلي.

هذه السوابق تؤكد أن المساكنة ترتكز على معايير موضوعية (الزمن والاستمرارية) وليس على النية أو العلاقة الشخصية فقط، وأن الإيواء مهما طال لا يولِّد حقوقًا مستقلة. ويُعد هذا التفسير بمثابة قاعدة قانونية ملزمة تطبَّق على جميع النزاعات المتعلقة بامتداد عقود الإيجار.

خامسًا: أثر التعديلات على القطاع العقاري والتنمية العمرانية

تحرير السوق وزيادة العرض

من المتوقع أن ينعكس تطبيق مشروع قانون الإيجار الجديد إيجابيًا على السوق العقاري؛ إذ سيؤدي تحرير الوحدات المغلقة إلى زيادة العرض، وهو ما يخفِّف الضغط على الإيجارات في السوق الحرة ويحد من المضاربة. كما أن انتقال ملايين الوحدات من نظام الإيجار القديم إلى النظام المدني سيشجع أصحاب العقارات على بيعها أو إعادة تأجيرها بقيم عادلة، ما يخلق دورة اقتصادية منتجة ويدعم أعمال البناء والصيانة.

تعزيز الصيانة والمحافظة على الثروة العقارية

كان نظام الإيجار القديم يحول دون قدرة الملاك على صيانة العقارات بسبب انخفاض العائد؛ ونتيجة لذلك تدهورت حال العديد من المباني التاريخية. مع زيادة العائدات المتوقعة وفق القانون الجديد، سيكون لدى الملاك حافز للحفاظ على ممتلكاتهم أو تطويرها، الأمر الذي يصب في مصلحة المجتمع ويحافظ على التراث المعماري للمدن القديمة. وفي الوقت نفسه، ستتوافر موارد مالية إضافية لصيانة المرافق العامة وتطوير البنية الأساسية في المناطق السكنية القديمة.

التوازن بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية

يُحافظ مشروع القانون على بعده الاجتماعي من خلال توفير ضمانات للمستأجرين غير القادرين على تحمل زيادات الإيجار أو إيجاد مسكن بديل. فالالتزام بتوفير وحدات بديلة ووجود فترات انتقالية معقولة يعكسان اهتمام الدولة بعدم تعريض الأسر الفقيرة للتشرد أو الضياع. وفي المقابل، فإن منح الملاك الحق في استعادة ملكياتهم تدريجيًا يعيد التوازن الاقتصادي ويضمن احترام حق الملكية المصون دستوريًا. هذا التوازن بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية هو حجر الزاوية في نجاح الإصلاح التشريعي.

سادسًا: نصائح عملية للمالكين والمستأجرين

يشكل مشروع القانون الجديد وما يرتبط به من أحكام قضائية فرصة لتنظيم العلاقات التعاقدية بين المالكين والمستأجرين بصورة أكثر وضوحًا. وفيما يلي بعض النصائح العملية المستمدة من خبرة مكتبنا:

  1. توثيق العلاقات التعاقدية بعقود محكمة: يجب على الملاك والمستأجرين تحرير عقود إيجار واضحة تحدد مدة العقد، مقدار الإيجار، شروط الزيادة، وحقوق كل طرف في حال إنهاء العقد أو ترك العين، مع النص صراحة على منع التنازل أو الإيجار من الباطن إلا بإذن مكتوب.
  2. التزام المستأجر بشروط المساكنة: إذا كان المستأجر يرغب في الحفاظ على حق امتداد العقد لأفراد أسرته أو للآخرين، فعليه التأكد من أن هؤلاء الأشخاص يقيمون معه منذ بداية العقد وأن إقامتهم مستمرة دون انقطاع. وفي حال غاب أحدهم لفترة طويلة أو اتخذ مسكنًا آخر، فسوف ينهار شرط المساكنة ويُعتبر ذلك مجرد إيواء. لذلك، ينصح بإبقاء سجلات دقيقة وإيصالات مرافق تثبت الإقامة المستمرة.
  3. عدم استضافة الضيوف بشكل دائم: على المستأجرين الامتناع عن تحويل الإيواء إلى إقامة دائمة، لأن ذلك قد يُفسر كتأجير من الباطن أو تنازل عن الحق في الانتفاع. كما يجب استشارة المالك عند الحاجة إلى إسكان شخص آخر لفترة طويلة لتجنب المنازعات.
  4. استشارة محامٍ متخصص: نظرًا لتعقيد قوانين الإيجار واختلاف الأحكام القضائية، ينصح بالرجوع إلى محامٍ مختص قبل اتخاذ قرارات مثل إخلاء العين أو المطالبة بامتداد العقد. مكتب الدكتور مصطفى الروبي يقدم استشارات قانونية متخصصة في هذا المجال، ويمكنه مساعدة العملاء على فهم حقوقهم والتزاماتهم وفق التشريعات السارية.
  5. مواكبة التعديلات التشريعية: القوانين واللوائح قد تتغير باستمرار، لذا على الأطراف متابعة كل ما يستجد من تشريعات أو قرارات تنفيذية صادرة من الحكومة أو مجلس النواب، لضمان الالتزام الكامل وتجنب الوقوع في مخالفات. ويمكن الاستفادة من النشرات القانونية والتقارير المنشورة في موقع المكتب لمتابعة هذه التعديلات.

سابعًا: رؤية مكتب الدكتور مصطفى الروبي – محامون .مستشارون

من خلال عملنا الطويل في مجال القوانين المدنية وقوانين الإيجار والاستشارات العقارية، نحرص في مكتب الدكتور مصطفى الروبي على متابعة كافة التطورات التشريعية والفقهية وتقديمها للجمهور بأسلوب مبسط وعملي. وقد سبق لنا نشر سلسلة من المقالات التي تتناول قانون الإيجار القديم الجديد وتأثيره على السوق العقاري، كما قدمنا دراسات عن  التشريعات التي يجب علي المشرع التطرق اليها . هذه الدراسة تأتي امتدادًا لهذه الجهود وتؤكد التزامنا بالبحث القانوني المتعمق لخدمة المجتمع.

نحن على استعداد لتقديم استشارات قانونية متخصصة للملاك والمستأجرين والشركات العقارية حول كيفية التعامل مع قانون الإيجار الجديد وتفسير أحكامه. كما يمكننا إعداد وصياغة العقود ومباشرة الدعاوى أمام المحاكم ومتابعة النزاعات حتى نهايتها، مع الحفاظ على سرية التعامل واحترام خصوصية العملاء. إن هدفنا الأساسي هو تحقيق العدالة وصون الحقوق وإيجاد حلول توافقية عند الإمكان.

خاتمة

أثبتت تجربة الإيجارات القديمة في مصر أهمية إيجاد تشريعات توازن بين حق الملكية وحق السكن، وتعالج الاختلالات التي تراكمت عبر عقود. ومع صدور مشروع قانون الإيجار الجديد 164 لسنة 2025 ، أصبح من الضروري فهم مفاهيم مثل الإيواء والمساكنة بشكل صحيح، لأنهما يؤثران مباشرة في الحقوق والالتزامات الناتجة عن عقد الإيجار. فالإيواء يظل حالة مؤقتة لا تُنشئ حقًا للضيف في البقاء بعد انتهاء العقد، بينما تعد المساكنة – بشروطها الصارمة – سببًا قانونيًا لامتداد عقد الإيجار.

إن اعتماد قانون جديد لا يقف عند حد تعديل الأرقام والقيم الإيجارية، بل يتعدى ذلك إلى إعادة صياغة العلاقة بين المالك والمستأجر في ضوء مبادئ العدالة الاجتماعية والاعتبارات الاقتصادية. ولذلك يجب على الجميع استيعاب هذه التغييرات والتعامل معها بوعي واحترام للقانون، والاستعانة بالمتخصصين عند الحاجة. ومكتب الدكتور مصطفى الروبي محامون .مستشارون، بما يقدمه من خبرة وكفاءة في هذا المجال، يدعوكم لزيارة الموقع الإلكتروني للاطلاع على مقالاتنا السابقة والمزيد من الدراسات القانونية.

بهذا نكون قد قدّمنا دراسة متكاملة تستند إلى مصادر قضائية وصحفية وتجمع بين التحليل القانوني والرؤية الاجتماعية والاقتصادية، مع تأكيد دور القانون والمشرِّع في تنظيم حياة الناس وتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة. نأمل أن تسهم هذه الدراسة في زيادة الوعي بحقوق الملاك والمستأجرين وتساعد على فهم أعمق للتعديلات التشريعية الجارية.

د . مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر- الإيواء والمساكنة في ظل مشروع قانون الإيجار الجديد.