مقدمة
يضمن القانون المصري للمرأة المصرية حقوقًا موسعة في نقل جنسيتها لأبنائها، لكنه يميز في منح الجنسية للزوج الأجنبي مقارنة بالزوجة الأجنبية. ففي حين يسمح القانون للزوجة الأجنبية المتزوجة من مواطن مصري بالحصول على الجنسية بعد فترة محددة، يحرَم الزوج الأجنبي المتزوج من مواطنة مصرية من هذا الحق. يناقش هذا المقال الأساس القانوني لهذا التمييز، ويستعرض الآثار الاجتماعية والعملية، كما يقدم آفاق الإصلاح الممكنة.
الأساس القانوني
نص المادة 7 من قانون 26 لسنة 1975 (المعدل بالقانون 154 لسنة 2004) على أن “زوجة الأجنبي الذي اكتسب الجنسية المصرية يمكنها الحصول على الجنسية بعد إعلان رغبتها واستمرار الزواج لمدة عامين”. وتؤكد المادة أن منح الجنسية للزوجة يشترط موافقة الزوج واستمرار الزواج؛ فإذا طلّق الزوج زوجته قبل مرور عامين، لا تُمنح الجنسية.
في المقابل، لا يوجد في القانون نص مماثل يمنح الزوج الأجنبي المتزوج من امرأة مصرية حق التقدم للحصول على الجنسية عن طريق الزواج، وهو ما أكده مسؤولون في الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية، حيث أوضحوا أن الرجل الأجنبي لا يحق له طلب الجنسية على أساس الزواج، ويمكنه فقط الحصول على إقامة قانونية قابلة للتجديد. يتكرر هذا التأكيد في العديد من المقالات القانونية التي تشير إلى أن القانون يسمح للزوجة الأجنبية بالتجنس بعد عامين بينما لا يمنح هذا الحق للزوج الأجنبي.
الأسباب التاريخية للتفاوت
تم سن قانون الجنسية المصري الأصلي عام 1929 وأعيد صياغته عام 1975، في وقت كانت الاعتبارات الاجتماعية تعطي الرجل صدارة في نقل جنسيته. ظلت هذه الرؤية قائمة حتى تعديل عام 2004 الذي منح أبناء الأم المصرية حق الحصول على الجنسية تلقائيًا؛ ومع ذلك بقي الزوج الأجنبي مستبعدًا، ربما بدافع سياسي وأمني يرتكز على تخوف من دخول رجال أجانب إلى المجتمع الوطني عبر الزواج دون رقابة كافية.
الآثار العملية والاجتماعية
- عدم المساواة بين الزوجين: تشعر بعض النساء المصريات بالتمييز لأن زوجهن الأجنبي لا يتمتع بحق التجنيس بالزواج بينما يحصل أبناء الزوجة الأجنبية على الجنسية بسهولة نسبيًا إذا تزوجت مصريًا.
- تحديات الإقامة: يضطر الأزواج الأجانب إلى تجديد إقاماتهم بانتظام، ويواجهون قيودًا في التوظيف وتملك العقارات، خاصة إذا كانت إقامتهم مشروطة بوجود عقد عمل أو سجل تجاري.
- عدم استقرار الأسرة: يؤثر عدم القدرة على التجنيس على إحساس الأسرة بالانتماء، ويخلق مخاوف من الرحيل أو الترحيل في حالة انتهاء الإقامة.
المسارات البديلة للزوج الأجنبي
رغم أن القانون لا يتيح للزوج الأجنبي الحصول على الجنسية عن طريق الزواج، إلا أنه يمكنه التقدم عبر مسارات أخرى:
- التجنّس بالإقامة الطويلة: بعد إقامة مشروعة لمدة عشر سنوات متصلة في مصر، يمكن للأجنبي التقدم للحصول على الجنسية إذا توافرت فيه شروط أخرى مثل حسن السمعة والملاءة المالية والإلمام باللغة العربية.
- الاستثمار أو التبرع: يمكن للأجنبي الحصول على الجنسية عبر برنامج الاستثمار عن طريق شراء عقار أو إقامة مشروع أو إيداع مصرفي، كما أوضحت التعديلات الأخيرة في قانون منح الجنسية مقابل الاستثمار.
- الإقامة الدائمة: يمكن للزوج الأجنبي الحصول على إقامة دائمة أو طويلة الأمد، مما يتيح له الاستقرار والعمل داخل مصر، وإن كان لا يمنحه حقوقًا سياسية.
نقاشات الإصلاح
في ظل توجهات الدولة نحو تعزيز المساواة بين الجنسين، يدعو بعض الناشطين القانونيين إلى تعديل المادة 7 لتشمل الزوج الأجنبي المتزوج من مصرية، بحجج تتعلق بالمساواة الأسرية ومنع التشتت العائلي. ويستشهد مؤيدو التعديل بتجارب دول عربية أخرى تمنح الأزواج الأجانب الجنسية بشروط معينة. لكن هناك أيضًا تخوف من أن يؤدي ذلك إلى استغلال الزواج لأغراض الحصول على الجنسية.
خاتمة وتوصيات
يبقى منح الجنسية المصرية للأزواج الأجانب من النساء موضوعًا يثير جدلاً بين الحفاظ على الأمن والمساواة في الحقوق. إن الوضع الحالي، بحسب نصوص القانون والتطبيقات القضائية، لا يسمح للزوج الأجنبي بالتجنس عن طريق الزواج، في حين تُمنح الزوجة الأجنبية هذا الحق بعد عامين من الزواج. ننصح كمكتب دكتور مصطفى الروبي للمحاماة الزوجات المصريات الراغبات في تحسين وضع أزواجهن بالنظر في مسارات بديلة كتجديد الإقامة أو الاستثمار، ومتابعة أي تعديلات تشريعية مستقبلية. كما ندعو إلى نقاش مجتمعي وقانوني حول إمكانية تعديل التشريع لتحقيق مزيد من المساواة مع الحفاظ على الضوابط الأمنية اللازمة.
كتابة واعداد دكتور مصطفى الروبي
