مقدمة
تسعى التشريعات المصرية إلى ضمان الانتماء الوطني للمواليد على أرضها مع مراعاة الاعتبارات الديموغرافية والأمنية. في عام 2023 صدر القانون رقم 28 الذي عدّل بعض أحكام قانون الجنسية القديم، وأضاف فئات جديدة يمكنها الحصول على الجنسية المصرية. من أبرز هذه الفئات: الأطفال المولودون في مصر لأب أجنبي وأم أجنبية إذا كان أحد الوالدين مولودًا في مصر وينتمي لبلد أغلب سكانه يتحدثون العربية أو يدين بالإسلام. سنتناول في هذا المقال الأساس القانوني لهذا الحكم، والشروط والإجراءات المطلوبة، مع إبراز بعض الإشكاليات العملية.
الأساس القانوني
حسب نص التعديلات الصادرة بالقانون رقم 28 لسنة 2023، أُضيف بند جديد إلى قانون الجنسية يجيز للأجنبي المولود في مصر لأب أجنبي أو أم أجنبية، إذا كان أي منهما مولودًا في مصر وينتمي إلى بلد تعد اللغة العربية لغته الرسمية أو يدين أغلب سكانه بالإسلام، أن يطلب التجنس بالجنسية المصرية خلال سنة من بلوغه سن الرشد. ويُشترط أن يقدم الطالب طلبًا إلى وزارة الداخلية مصحوبًا بالمستندات التي تثبت الميلاد داخل مصر وميلاد أحد الوالدين فيها، وأن يسدد رسمًا مقداره عشرة آلاف دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري.
هذا النص يمثل تحولًا مهمًا يوسع دائرة الأشخاص الذين يحق لهم طلب الجنسية. وكان القانون السابق يقصر اكتساب الجنسية على من يولد لأب مصري أو لأم مصرية، أو على المولودين لأم مصرية وأب أجنبي في حالات معينة. أما الآن، فقد أضيف فئة جديدة هي أبناء الأجانب الذين ولدوا في مصر وكان أحد والديهم مولودًا أيضًا في مصر، بشرط تحقق بعض الضوابط الثقافية والدينية.
شروط وإجراءات الحصول على الجنسية
- الميلاد داخل مصر: يجب أن يكون الطفل قد وُلد على الأراضي المصرية.
- ميلاد أحد الوالدين في مصر: يجب أن يكون الأب أو الأم مولودًا في مصر، حتى وإن كانا أجنبيين.
- الانتماء لبلد عربي أو إسلامي: يجب أن يكون البلد الذي ينتمي إليه الوالد المولود في مصر بلدًا يتحدث اللغة العربية أو تدين غالبية سكانه بالإسلام. هذا الشرط يهدف إلى تعزيز الانتماء الثقافي.
- بلوغ سن الرشد: لا يمكن تقديم الطلب إلا بعد بلوغ الطالب سن الثامنة عشرة، ولديه مهلة سنة واحدة لتقديمه.
- سداد الرسم المالي: يلتزم المتقدم بسداد رسم قدره 10 آلاف دولار أو ما يعادله بالجنيه المصري.
- الفحص الأمني والقانوني: يخضع الطلب للمراجعة الأمنية للتأكد من عدم وجود موانع أمنية، ويُشترط حسن السمعة والسلوك وعدم وجود أحكام جنائية.
إيجابيات الحكم الجديد
- توطين أبناء المقيمين: يمنح النص فرصة لأبناء المقيمين العرب والمسلمين الذين استقروا في مصر لسنوات طويلة دون أن يحصلوا على الجنسية، مما يعزز اندماجهم.
- تقليل حالات انعدام الجنسية: يساعد الحكم في حماية الأطفال من الوقوع في وضع عديمي الجنسية إذا كانت دول آبائهم لا تمنح الجنسية للأبناء المولودين في الخارج.
- تعزيز الاستثمار: قد يشجع أسرًا أجنبية على الاستقرار والاستثمار في مصر إذا عرفوا أن أبناءهم يمكنهم الحصول على الجنسية مستقبلاً.
إشكاليات وتحديات
- قصر المهلة الزمنية: يشترط تقديم الطلب خلال سنة من بلوغ سن الرشد، ما قد يؤدي إلى سقوط الحق إذا لم يكن المتقدم على علم بالتعديل.
- الرسوم المرتفعة: يعتبر رسم 10 آلاف دولار عائقًا ماليًا لبعض الأسر، خصوصًا إذا كانوا من ذوي الدخل المحدود.
- غموض معيار اللغة والدين: قد يثور جدل حول الدول التي تُعد عربية أو إسلامية، مما قد يتسبب في تباين القرارات الإدارية.
- عدم شمول دول غير عربية أو غير مسلمة: يستثني النص أبناء الأجانب من دول أخرى رغم وجودهم في مصر لسنوات طويلة، مما يثير تساؤلات عن مدى تحقيق المساواة.
نصائح للمتقدمين
- تجهيز الوثائق مبكرًا: يجب التأكد من وجود شهادات ميلاد موثقة للمتقدم ووالديه تثبت الميلاد في مصر.
- الالتزام بالمهلة: على المتقدمين تقديم الطلب خلال السنة المحددة بعد بلوغ سن الرشد؛ يستحسن التقديم مباشرة لتفادي ضياع الحق.
- الاستشارة القانونية: الاستعانة بمحامٍ يساعد في تفسير الشروط وإعداد الملف القانوني لضمان سير الطلب بسلاسة.
- التواصل مع وزارة الداخلية: متابعة أي تحديثات على الموقع الرسمي لضمان توافر آخر المعلومات حول الشروط والإجراءات.
خاتمة
يمثل النص الجديد في قانون الجنسية تحولًا مهمًا يوسع دائرة اكتساب الجنسية، خصوصًا لأبناء الأجانب المقيمين في مصر منذ أجيال. ومع أن الشروط المالية والزمنية قد تشكل عائقًا للبعض، إلا أن هذه الخطوة تساهم في تعزيز الانتماء الوطني للأفراد الذين تربوا في مصر ولديهم جذور قوية فيها. ننصح كمكتب دكتور مصطفى الروبي للمحاماة الأسر المعنية بهذا الحكم بالاستعداد الجيد قبل تقديم الطلب، ومتابعة التعديلات التشريعية للتأكد من استيفاء جميع الشروط.
كتابة واعداد دكتور مصطفى الروبي
