ازدواج الجنسية يعني امتلاك الشخص لجنسيتين أو أكثر في الوقت ذاته، وهي حالة يفرضها الواقع المعاصر نتيجة للهجرة والعمل والاستثمار في الخارج. في القانون المصري، ينظم قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 شروط اكتساب أو فقدان الجنسية، وينص على وجوب الحصول على إذن من وزير الداخلية قبل اكتساب جنسية أجنبية، وفي حال عدم الحصول على هذا الإذن يبقى الشخص مصريًا إلى أن يصدر مجلس الوزراء قرارًا بإسقاط جنسيته. يسمح القانون لمن يحصل على هذا الإذن بالاحتفاظ بالجنسية المصرية هو وزوجته وأولاده القصر بعد إعلان الرغبة خلال سنة من الحصول على الجنسية الأجنبية، وهو ما يشكل الإطار القانوني لإمكانية وجود مزدوجي الجنسية في مصر. كما يسمح قانون الهجرة رقم 111 لسنة 1983 للمصريين المقيمين بالخارج باكتساب جنسية أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية، مما يعكس حرص المشرع على الحفاظ على ارتباط المغتربين بوطنهم.
مع ذلك، توجد قيود دستورية وقانونية على مزدوجي الجنسية، لا سيما في المناصب السياسية السيادية، حيث يشترط الدستور المصري لرئاسة الجمهورية أن يكون المرشح مصريًا خالصًا ومن والدين مصريين فقط، وألا يكون هو أو أحد والديه مخالفًا لهذا الشرط. وبالرغم من حكم المحكمة الدستورية العليا عام 2015 الذي قرر السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح للبرلمان، فإن بعض النصوص الأخرى والتفسيرات التشريعية لا تزال تحمل بعض الغموض والتناقض، خصوصًا فيما يتعلق بالولاء الكامل للدولة. كما تمنع عدة قوانين مزدوجي الجنسية من العمل في مناصب الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والقضاء والدبلوماسية، استنادًا إلى مبدأ الولاء الواحد الذي تفرضه الدولة على هذه المواقع.
حقوق مزدوجي الجنسية تتضمن الاحتفاظ بالجنسية المصرية إذا صدر الإذن بذلك، والإعفاء من الخدمة العسكرية لمن يحمل الإذن مع الاحتفاظ، وحمل الوثائق المصرية التي تمكنهم من الدخول إلى البلاد وامتلاك العقارات وإجراء المعاملات المالية على قدم المساواة مع المواطنين المصريين. إلا أن هناك مشكلات عملية تواجه مزدوجي الجنسية، مثل تعقيد إجراءات الحصول على إذن الوزارة والتي قد تستغرق وقتًا طويلًا، وكثرة الوثائق المطلوبة، إضافة إلى صعوبة التنسيق في حالة اختلاف البيانات بين الوثائق المصرية والأجنبية. كما يشكل الالتزام بمهلة السنة للإعلان عن الرغبة في الاحتفاظ بالجنسية المصرية شرطًا قانونيًا صارمًا، إذ يؤدي التقصير فيه إلى فقدان الجنسية مع صعوبة استردادها.
علاوة على ذلك، يواجه مزدوجو الجنسية صعوبات في التعامل مع بعض المؤسسات، كالإعفاء من التجنيد الذي يتطلب تقديم مستندات متعددة للسفارات، وتعقيدات في العمليات المصرفية التي تتطلب وجود رقم قومي أو بطاقة شخصية محدثة، علاوة على مشكلات في تسجيل الممتلكات بسبب تضارب الأسماء في الوثائق. لمواجهة هذه المشكلات يجب على المواطنين التخطيط القانوني المسبق بالتواصل مع محامين متخصصين قبل التقدم لاكتساب جنسية أجنبية، والالتزام بتقديم طلب الاحتفاظ بالجنسية المصرية خلال المهلة القانونية، ومتابعة التطورات التشريعية لتجنب التضارب القانوني. كما ينبغي استكمال الملفات بشكل دقيق وتوحيد البيانات الشخصية في جميع الوثائق وتقديم ترجمات معتمدة لتفادي رفض الطلبات أو تأخيرها.
في حال صدور قرارات سلبية بحق مزدوجي الجنسية، يمكن اللجوء للقضاء الإداري للطعن في هذه القرارات مستندين إلى مبادئ المساواة وحرية المشاركة السياسية التي أقرتها المحكمة الدستورية. كذلك، يعد التنسيق مع الجهات القنصلية ضروريًا للحصول على إعفاءات من الخدمة العسكرية وتحديث الوثائق الرسمية لتيسير المعاملات المختلفة. ازدواج الجنسية بات ظاهرة متزايدة مع العولمة والهجرة، والواقع المصري يحاول الموازنة بين حقوق الأفراد ومتطلبات الأمن والسيادة، مع وجود تعقيدات نابعة من اختلاف التفسيرات القانونية والإدارية، والحلول اللائقة تكمن في الفهم العميق للنصوص القانونية، والالتزام بالمهل القانونية، والاستعانة بالخبرة القانونية والمتابعة الدائمة للتشريعات والأحكام ذات الصلة.
ننصح، كمكتب الدكتور مصطفى الروبي للمحاماة والاستشارات القانونية، كل من يعتزم الحصول على جنسية أجنبية أو يعاني من مشكلات ازدواج الجنسية، بأن يسعى إلى استشارة قانونية متخصصة منذ البداية لضمان الحفاظ على حقوقه وعدم الوقوع في مخالفة قد تؤدي إلى فقدان الجنسية أو الحرمان من بعض الحقوق. المحامي المختص يمكنه أيضًا
متابعة إجراءات الإذن، وتوحيد الوثائق، وتقديم التظلمات عند الحاجة، بما يحقق الاستقرار القانوني للمواطن وأسرته.

كتابة واعداد دكتور مصطفى الروبي
