انتشرت في السنوات الأخيرة تقنيات الإنجاب المساعدة مثل التلقيح الصناعي والحقن المجهري. يطرح ذلك تساؤلات حول كيفية إثبات نسب الأطفال المولودين بهذه الوسائل وما إذا كان لذلك تأثير على الجنسية المصرية. في الواقع، تتبع مصر القواعد التقليدية لإثبات النسب ولا تميز بين طفل مولود طبيعيًا أو عبر تقنيات طبية؛ فالعبرة بثبوت النسب الشرعي للأب والأم. هذا المقال يوضح القواعد القانونية لإثبات النسب في حالات الإنجاب المساعد، وأثر ذلك على الجنسية، وأهم المشكلات العملية.
الأساس القانوني للنسب والجنسية
المادة 2 من قانون الجنسية
ينص القانون على أن من يولد لأب مصري أو لأم مصرية يُعد مصريًا. لا يميز النص بين طرق الحمل والولادة؛ فالاعتبار الأول هو ثبوت النسب الشرعي للأب أو للأم.
إثبات النسب في الشريعة والقانون
يُثبت نسب المولود إلى أبيه شرعًا إذا وُلد خلال الزواج الصحيح أو بعده بفترة لا تتجاوز أقصى مدة الحمل. في حالة التلقيح الصناعي أو الحقن المجهري، يجب أن يكون التلقيح داخل إطار الزواج الشرعي وأن تُستخدم نطفة الزوج وبويضة الزوجة. عندئذ يُعتبر المولود ابنًا شرعيًا، ويُثبت نسبه لأبيه بمجرد الولادة. إذا تمت العملية خارج إطار الزواج أو باستخدام نطفة أو بويضة من طرف ثالث، لا يُنسب الطفل للزوج إلا بعد حكم قضائي بثبوت النسب. يترتب على ثبوت النسب إقرار الجنسية تلقائيًا وفق المادة 2.
الإجراءات العملية لإثبات النسب في حالات الإنجاب المساعد
- إثبات الزواج الشرعي: يجب تقديم عقد الزواج الموثق لإثبات قيام العلاقة الزوجية وقت إجراء التلقيح، ما يثبت شرعية النسب.
- إحضار تقارير طبية: قد تطلب المحكمة أو السجل المدني تقارير من المركز الطبي تؤكد أن التلقيح تم بنطفة الزوج وبويضة الزوجة، خاصة إذا كان هناك شك حول النسب.
- إثبات الولادة: استخراج شهادة ميلاد من المستشفى أو المركز الطبي تتضمن بيانات الوالدين. ثم تُقدم للمكتب الصحي لإصدار شهادة ميلاد رسمية للطفل.
- إجراءات السجل المدني: بعد استخراج شهادة الميلاد الرسمية، يُثبت الطفل في السجل المدني باسم والديه، ويحصل على شهادة ميلاد مميكنة، ثم يُمنح رقم قومي عند بلوغه السن القانوني.
مشكلات عملية وحلولها
1. الشك في نسب التلقيح
قد يرفض بعض الموظفين تسجيل الطفل إذا شاع أن التلقيح تم باستخدام نطفة متبرع. الحل هو تقديم تقارير طبية موثقة تؤكد أن الزوج هو صاحب النطفة. إذا استمر الرفض، يمكن رفع دعوى إثبات نسب أمام المحكمة المختصة التي تستند إلى الخبرة الطبية وتقارير الحمض النووي.
2. عدم وجود عقد زواج موثق
إذا كان الزواج غير موثق (عرفي)، يجب على الزوجين توثيقه أولًا أو الحصول على حكم قضائي يثبت صحة الزواج والنسب. بعد ذلك، تُستخرج شهادة الميلاد ويُثبت الطفل في السجل المدني، ويكتسب الجنسية وفق المادة 2.
3. اختلاف بيانات الوالدين
ينبغي أن تتطابق أسماء الوالدين في جميع الوثائق (عقد الزواج، شهادة الميلاد، التقارير الطبية). في حال وجود اختلاف هجائي بين العربية والإنجليزية، يُنصح بتوحيدها من خلال تصحيح القيود في السجل المدني قبل تقديم طلب الجنسية.
4. إثبات النسب للمولود خارج مصر
إذا تمت عملية التلقيح والولادة خارج مصر، يجب توثيق الولادة في السفارة المصرية وتقديم وثائق تثبت نسب الأب والأم، ثم إرسال الأوراق إلى مصر لإصدار شهادة ميلاد مصرية.
خاتمة وتوصيات
تقنيات الإنجاب المساعدة لا تؤثر على حق الطفل في اكتساب الجنسية المصرية طالما ثبت نسبه لأب أو أم مصرية. العبرة بوجود زواج شرعي واستخدام نطفة وبويضة من الزوجين. لذلك، ننصح الأزواج بالاحتفاظ بعقود الزواج والتقارير الطبية لإثبات النسب عند الحاجة، وتوثيق الولادة في السجل المدني أو في السفارة المصرية. وعند ظهور نزاع، يُنصح باللجوء إلى القضاء لطلب إثبات النسب عبر الخبرة الطبية.
ننصح كمكتب دكتور مصطفى الروبي الأزواج الذين يستخدمون تقنيات الإنجاب المساعدة بتوثيق عقود زواجهم وتجهيز تقارير طبية تثبت أن العملية تمت وفقًا للشروط الشرعية، والتواصل مع محام عند مواجهة أي رفض أو شك في نسب المولود لضمان الحفاظ على حقوق الطفل في الجنسية.
كتابة واعداد الدكتور مصطفى الروبي