تمارس الهيئة العامة للرقابة المالية دورًا رقابيًا وتنظيميًا في السوق المالية غير المصرفية في مصر، وتصدر تقارير رسمية عند رصد مخالفات جسيمة قد تُحال إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات اللازمة. ومع ذلك، لا تلتزم النيابة العامة قانونًا بتحريك الدعوى الجنائية استنادًا فقط إلى تقرير الهيئة، إذ تمتلك النيابة بموجب القانون والدستور سلطة التحقيق والتصرف في الدعوى الجنائية بشكل مستقل، فهي تقدّر مدى توافر الجريمة والأدلة من عدمه. تقرير الهيئة يحمل أهمية قانونية، فهو بمثابة بلاغ رسمي موثق من جهة مختصة ويُعتبر قرينة فنية تُبرر التحقيق، كما قد يشكل دليلًا قويًا إذا احتوى على مستندات وأساليب إثبات متينة.
ورغم ذلك، يمتلك قاضي التحقيق أو النيابة العامة حق حفظ الأوراق في حال عدم توافر أركان الجريمة، أو يمكنه فتح تحقيق جنائي إذا اقتنع بوجود شبهة جنائية. عادةً ما تتحرك النيابة تلقائيًا استنادًا إلى تقرير الهيئة حين تكون هناك نصوص جنائية واضحة تنظم المخالفة، أو ثبوت ضرر عام أو جسيم، أو في حال تكرار المخالفة، أو ورود طلب رسمي من الهيئة مدعوم بأدلة فنية.
إلا أن النيابة العامة ليست ملزمة باتهام الأشخاص المذكورين في التقرير بدون دليل كاف، ويمكنها تعديل وصف الوقائع أو استبعاد بعضها، وحتى إصدار قرار بعدم إقامة الدعوى. بالتالي، يظل تقرير الهيئة عنصرًا من عناصر الإبلاغ وليس بديلاً عن سلطة التحقيق الجنائي.
يحق للمجني عليه أو المبلغ الطعن في قرار النيابة بحفظ البلاغ من خلال التظلم أمام المحامي العام أو النائب العام، أو محكمة الجنح المستأنفة حسب الظروف. ومن الناحية القانونية، يُنصح دائماً بالتعامل بحكمة وشفافية مع لجان الفحص الرقابي، والاحتفاظ بسجلات قانونية دقيقة تسهل الدفاع، والاستعانة بمحامٍ مختص عند صدور تقرير رقابي لتفادي تطور المسألة إلى مساءلة جنائية.
في الختام، تقرير المخالفات الصادر عن هيئة الرقابة المالية لا يشكل حكمًا بالإدانة ولا يلزم النيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية تلقائيًا، لكنه يحمل قوة إبلاغ فني معتبر. قرار النيابة يتوقف على تقدير أدلة التحقيق، ويُبرز أهمية الاحترافية القانونية في التعامل مع التقارير ما بين اتهام أولي وحسم القضية إما بالإغلاق أو بالإحالة إلى المحاكمة الجنائية.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=753279213960442&set=pb.100078351101370.-2207520000&type=3Facebook

