في ظل التوسع الرقمي والتحول الإلكتروني في البنوك، والجهات الحكومية، والشركات، أصبح أمن البيانات وأنظمة المعلومات من أهم عناصر استقرار الاقتصاد وحماية المعاملات. لكن في المقابل، ظهرت جرائم تقنية خطيرة على رأسها جريمة اختراق الأنظمة الإلكترونية، وهي من أخطر الجرائم الاقتصادية الحديثة، وقد نظمها المشرع المصري تفصيلًا في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
يُقصد بجريمة اختراق الأنظمة الإلكترونية دخول شخص عمدًا، بدون وجه حق، إلى موقع أو نظام معلوماتي أو قاعدة بيانات إلكترونية، بهدف الاستيلاء على بيانات، أو تعطيل الخدمات، أو تعديل أو إتلاف أو تغيير محتوى إلكتروني، أو استخدام النظام في ارتكاب جرائم أخرى. ينظم هذه الجريمة قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، لا سيما المواد 18 التي تجرم الدخول غير المشروع إلى الأنظمة الإلكترونية، والمادة 19 التي تتعلق باختراق نظم معلوماتية تخص الدولة أو البنوك أو الأمن القومي، والمادة 23 التي تتناول التلاعب أو إتلاف البيانات المخزنة إلكترونيًا، وأخيرًا المادة 24 التي تجرم الاستيلاء على بيانات بطاقات الدفع أو الحسابات البنكية.
تتكون أركان هذه الجريمة من الركن المادي والركن المعنوي. يشمل الركن المادي استخدام أدوات تقنية مثل برامج الاختراق أو التطبيقات المعدلة، والدخول غير المصرح به إلى الشبكات أو الخوادم، وتعطيل الأنظمة أو تغيير محتواها أو الاستيلاء على بيانات مشفرة. أما الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي، أي نية الإضرار أو تحقيق منفعة غير مشروعة، بالإضافة إلى العلم بعدم مشروعية الدخول للنظام أو البيانات.
تتعدد صور هذه الجريمة لتشمل اختراق الحسابات المصرفية أو البريد الإلكتروني، وتعطيل مواقع رسمية أو سرقة قواعد بيانات، وتسريب بيانات حساسة أو بيعها عبر الإنترنت، وكذلك اختراق نظم التحكم الخاصة بالبنوك أو المستشفيات أو مؤسسات الدولة.
وفي تطبيقات قضائية حديثة، أكدت محكمة النقض الدائرة الاقتصادية في الطعن رقم ٤٧٢٣ لسنة ١٣ ق اقتصادية – جلسة 20/11/2021 مبدأً قانونيًا هامًا، وهو أن مجرد الدخول إلى نظام معلوماتي بدون تصريح، حتى دون سرقة بيانات، يُعد جريمة قائمة بذاتها طبقًا للمادة 18 من القانون. وبذلك، أوضحت محكمة النقض أن الجريمة لا تتوقف على وقوع ضرر فعلي، بل يكفي الدخول غير المشروع بذاته لتحقق الجريمة.
لحماية نفسك ومؤسستك قانونيًا، ينبغي التحقق من أنظمة الحماية الإلكترونية وتحديثها باستمرار، ومراجعة عقود الموظفين لتحديد مسؤوليات الاستخدام، وتدريب العاملين على الأمن السيبراني. كما يُنصح بالاستعانة بمكتب محاماة متخصص لوضع سياسة قانونية لحماية البيانات، وإبلاغ الجهات المختصة فور وقوع أي اختراق لتقليل المسؤولية القانونية.
أصبحت جريمة اختراق الأنظمة الإلكترونية خطرًا حقيقيًا على المؤسسات المالية، والجهات الحكومية، وحتى الأفراد. وقد تصدى المشرع المصري لهذه الجرائم بقانون متطور يواكب المعايير الدولية، مع تخصيص المحاكم الاقتصادية للفصل في هذه القضايا بآلية سريعة وفعالة.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=730033866284977&set=pb.100078351101370.-2207520000&type=3(1) Facebook

