تلعب الشيكات دورًا حيويًا كأداة وفاء في النظام المصرفي والقانوني المصري، حيث تُعامل معاملة النقود وتخضع لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، الذي يمنحها خصائص فريدة تميزها عن الأوراق التجارية الأخرى، خاصة من حيث سرعتها في التداول وضمان الوفاء بها. وعلى الرغم من الحماية القانونية المشددة التي أقرها المشرع، بما في ذلك مسؤولية البنوك عن الأخطاء، إلا أن الممارسات البنكية قد تكون أحيانًا عرضة للمساءلة الجنائية أو المدنية إذا خالفت القانون أو ألحقت الضرر بمصالح العملاء أو المتعاملين بالشيكات.
يُعرّف قانون التجارة المصري في المادة 473 الشيك بأنه “صك يحرر طبقاً لشكل معين، ويتضمن أمرًا من الساحب إلى البنك بأن يدفع بمجرد الاطلاع عليه مبلغاً معيناً من النقود إلى المستفيد أو لأمره أو لحامله”. وبناءً على هذا التعريف، فإن وجود رصيد كافٍ وقابل للسحب لدى البنك يُعد شرطًا أساسيًا لإصدار الشيك، ولا يجوز للبنك الامتناع عن صرف الشيك إذا استوفى الشروط القانونية.
تتعدد حالات مسؤولية البنك في صرف الشيكات. فإذا قام البنك بصرف شيك مزور أو مزور التوقيع، فإنه يُسأل عن هذا الخطأ الجسيم. وقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن صرف البنك لشيك مقلد أو مزور يعتبر خطأً جسيمًا يستوجب مسؤوليته، ولا يمكن للبنك التذرع بأن التزوير كان دقيقًا بحيث لا يمكن اكتشافه إلا بواسطة خبير. كذلك، يتحمل البنك المسؤولية إذا قام بصرف شيك دون رصيد أو رغم صدور أمر بالمنع من الصرف. تُعد هذه الممارسات مخالفة جسيمة تستدعي المساءلة القانونية، حيث قضت محكمة النقض بأن صرف البنك لشيك بدون رصيد أو بالمخالفة لطلب العميل بإيقاف صرفه يجعله مسؤولاً عن الضرر الناتج. وعلى النقيض، قد يمتنع البنك عن صرف شيك صحيح بشكل غير مبرر، وذلك على الرغم من توافر الرصيد وتطابق التوقيع. يمثل هذا الامتناع إخلالًا بالالتزام القانوني للبنك تجاه حامل الشيك، وقد أكدت محكمة النقض أن البنك يلتزم بدفع قيمة الشيك متى كان مستوفيًا لشروطه، وأن الامتناع عن الوفاء يستوجب التعويض.
فيما يخص التكييف الجنائي لهذه الممارسات، فإن المسؤولية الجنائية عن إصدار شيك بدون رصيد تقع في الأصل على عاتق الساحب. ومع ذلك، قد يُسأل أحد موظفي البنك جنائيًا في حال وجود تواطؤ، تزوير، أو إهمال جسيم أدى إلى صرف شيك مزور أو غير قانوني. وعلاوة على ذلك، يمكن مساءلة البنك مدنيًا لتعويض الأضرار، وقد يتحول الخطأ الجسيم إلى شبه جنائي في ظروف معينة وفقًا للقواعد العامة. وقد أكدت محكمة النقض المصرية في العديد من أحكامها على التزام البنك بفحص توقيع العميل بدقة، وأن صرف الشيك رغم تزوير التوقيع أو وجود اعتراض سابق يُعد خطأً يستوجب المسؤولية، كما لا يجوز للبنك الامتناع عن الصرف إذا توافرت شروط الشيك، وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية.
في الختام، يُعد البنك طرفًا محوريًا في دورة الشيك، ولكنه ليس بمنأى عن المساءلة، سواء كانت مدنية أو جنائية، متى ثبت تجاوزه أو تقصيره في الالتزام بأحكام القانون. لذا، يتعين على البنوك توخي أقصى درجات الحذر والالتزام الدقيق بإجراءات الصرف، تفاديًا لأي مسؤولية قانونية قد تنجم عن سلوكها.

فى انتظار آرائكم 🙂👇🏻
مؤسسة مصطفى الروبى للمحاماة والتحكيم الدولى
https://g.page/r/CZhOx7u_K9UkEBM/review
