الجنسية المصرية تُعتبر الرابط القانوني والسياسي الأساسي بين الفرد والدولة، وهي التي تحدد الحقوق والالتزامات التي يتمتع بها المواطن. هذا الحق منحه القانون المصري رقم 26 لسنة 1975، وجرى تعديله لاحقًا في 2004 ليشمل أبناء الأم المصرية، مع القضاء على التمييز القديم الذي كان يحصر الجنسية على أبناء الأب فقط. تأكد الدستور المصري لعام 2014 على هذا الحق، مؤكداً المساواة بين الأب والأم في نقل الجنسية، كما تم السماح في 2019 بمنح الجنسية للأجانب الذين يستثمرون في مصر أو يشترون عقارات مملوكة للدولة.
الحصول على الجنسية يتطلب فهم مواد قانون الجنسية، حيث يُعتبر الطفل المولود لأب أو أم مصرية بعد 15 يوليو 2004 مصرياً تلقائياً، أما المولودون قبل هذا التاريخ لأم مصرية فبحاجة لإعلان رغبتهم في اكتساب الجنسية خلال سنة من بلوغهم سن الرشد. وقد أكدت المحاكم المصرية هذا الحق حتى في حالات الزواج العرفي، لكنها استثنت أبناء التبني من هذا الحق، مؤكدة ضرورة ثبوت النسب الشرعي.
ورغم وضوح النصوص القانونية، إلا أن التحديات العملية ما تزال قائمة، خاصة تعقيد الإجراءات الإدارية وطول انتظار القرارات التي قد تستغرق أكثر من عام، إلى جانب الحاجة للحضور الشخصي وكثرة الوثائق المطلوبة. هذا الوضع يضغط على الأسر خصوصًا الأطفال الذين قد يُعاملون كأجانب في المدارس، ما يعرضهم لرسوم مرتفعة ويحرمهم من الدراسة المجانية، إلى جانب مشاكل إثبات النسب التي تؤخر الفصل في طلبات الجنسية.
تشير الأرقام إلى وجود آلاف الأطفال بلا هوية بسبب زواج مصريات من أجانب وعدم حصول أبنائهم على الجنسية، ما يحرمهم من حق التعليم والرعاية الصحية ويهدد حقوقهم الأساسية. ولا تزال بعض الجهات الحكومية تتباطأ أو ترفض الطلبات على الرغم من وضوح القانون.
لمواجهة هذه الصعوبات، من الضروري تجهيز الأوراق بشكل دقيق، ترجمتها وتصحيحها قبل تقديم الطلب، والاهتمام بتقديم إعلان الرغبة فور استكمال الملفات، خاصة للمولودين قبل يوليو 2004. من الأفضل الاستعانة بمحامٍ متخصص لمتابعة الطلب والالتزام بالمواعيد، ولدفوع قضائية في حالة التأخر أو الرفض غير المبرر.
رفع الوعي المجتمعي والاطلاع المستمر على الحقوق الدستورية أصبح ضرورة ملحة بعد أحكام المحكمة الدستورية التي أكدت مبدأ المساواة في الجنسية بين الأب والأم. رغم أن القانون يكفل حقوق الأطفال الجنسية على قدم المساواة، إلا أن التطبيق العملي يحتاج لتحسين لتسهيل الإجراءات واتاحة الحصول على الجنسية لجميع المستحقين دون إعاقة.
ختامًا، يُنصح جميع الأسر التي لديها أطفال من أب أو أم مصرية بالتأكد من استكمال الأوراق وعدم التردد في طلب المساعدة القانونية، فالجنسبة حق دستوري أساسى يضمن للاطفال انتماءهم وحمايتهم ويجنبهم كثيرًا من المشاكل الاجتماعية والتعليمية والصحية. الادراك التام والتعامل الصحيح مع الإجراءات يساهم في حماية حقوق الأطفال ويُرسخ مفهوم المواطنة الحقيقية في مصر.

كتابة واعداد الدكتور مصطفى الروبي
