Visit us: 170 El-Horreya El-Ibrahimia Road, Bab Sharq, Alexandria

divinext
Contact Us

جريمة تزييف المحررات الإلكترونية تمثل تهديدًا متزايدًا في ظل الاعتماد المتنامي على التكنولوجيا الرقمية في المعاملات الحكومية والتجارية، حيث تستهدف هذه الجريمة زعزعة الثقة في النظام الرقمي والتلاعب في المستندات التي تُستخدم كأدلة قانونية وإثباتات رسمية. يعرف القانون المصري المحرر الإلكتروني على أنه “أي رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تُخزن أو تُرسل أو تُستقبل عبر وسيلة إلكترونية أو رقمية وتُستخدم في الإثبات”، ويُعد تزييف المحرر الإلكتروني إحداث تغيير غير مشروع في محتوى أو توقيع أو مصدر هذا المحرر بهدف الخداع أو تحقيق منفعة غير قانونية.

يأتي تنظيم هذه الجريمة تفصيليًا في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، حيث تنص مواد محددة (كالمادتين 14 و23) على تجريم التزوير المعلوماتي للمحررات الإلكترونية والاعتداء على نظم معالجة البيانات. من الأركان الأساسية للجريمة الركن المادي الذي يتمثل في التلاعب بالبيانات الإلكترونية مثل تغيير توقيع رقمي أو إدخال بيانات مزيفة في مستندات مثل الفواتير أو الإقرارات الضريبية، والركن المعنوي الذي يقتضي وجود نية تضليل واضحة لدى الجاني مع علمه بعدم صحة البيانات أو التوقيع الذي يستخدمه.

على أرض الواقع، تتنوع صور الجريمة ما بين تزوير إيصالات دفع إلكترونية لاستخدامها أمام جهات رسمية، تعديل شهادات إلكترونية صادرة عن جهات تعليمية، إلى إنشاء محررات مزيفة تظهر عمليات مالية غير حقيقية أو استخدام مستندات مزورة باسم جهات حكومية. وأكد القضاء المصري في أحكام حديثة أن المحرر الإلكتروني يُعامل معاملة المحرر الورقي من حيث الحجية والتجريم، كما تمت إدانة متهمين بتقديم فواتير إلكترونية مزورة وأوراق اعتماد إلكترونية كدليل أمام المحاكم، مما يعزز المبدأ القانوني لمساواة المحرر الإلكتروني بالمحرر التقليدي.

العقوبات المقررة لهذه الجريمة في القانون المصري تشمل الحبس من سنتين إلى سبع سنوات، إضافة إلى غرامات مالية تتراوح بين 100 إلى 300 ألف جنيه، مع تشديد العقوبات في حال انتساب المحرر المزور لجهة حكومية، والتي قد تصل إلى السجن المشدد ومصادرة الأجهزة المستخدمة في الجريمة. كما يعاقب على استخدام المحرر المزيف بحسب القصد الجنائي، سواء كان كفاعل أصلي أو شريك.

للوقاية من مثل هذه الجرائم، ينصح القانون والمختصون باتباع إجراءات حماية عدة، منها التحقق الدقيق من صحة المصدر الإلكتروني للمستندات قبل الاعتماد عليها، واستخدام أنظمة توقيع إلكتروني معتمدة من جهات رسمية مثل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA)، وتعزيز تدريب الموظفين للتمييز بين البريد الإلكتروني الرسمي والاحتيالي، مع حفظ المحررات الإلكترونية في خوادم آمنة ومشفرة لمنع التلاعب أو السرقة.

تدل هذه المعطيات على أن جريمة تزييف المحررات الإلكترونية تشكل خطرًا معاصرًا يتطلب توعية قانونية وتقنية مستمرة، إذ لم يعد التزوير يقتصر على الصور التقليدية بل امتد إلى المجال الرقمي، مما يجعل التشريعات الحديثة في مصر ركيزة أساسية لمواجهة هذه الظاهرة وحماية الأمن القانوني والمعاملات الرسمية.

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=731362459485451&set=pb.100078351101370.-2207520000&type=3Facebook