Visit us: 170 El-Horreya El-Ibrahimia Road, Bab Sharq, Alexandria

divinext
Contact Us

مقدمة

أصبح اللجوء إلى تأجير الأرحام (الأم البديلة) قضية مثيرة للجدل في العديد من الدول بعد تطور تقنيات الإخصاب المساعد. ويقصد بتأجير الرحم أن تحمل امرأة جنينًا مخصبًا من زوجين آخرين مقابل أجر أو تبرع. في السياق المصري، لا توجد تشريعات تنظم هذا النوع من الإنجاب، مما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول نسب الأطفال وحقوقهم فى الحصول على الجنسية.

الإطار القانوني لتأجير الأرحام في مصر

لا يوجد في التشريع المصري نص صريح يجيز أو ينظم تأجير الأرحام؛ بل إن المحاكم والمشرّعين يتعاملون معه بوصفه عملاً غير مشروع. فقد أكدت المحامية أشجان البخاري فى أحد البرامج التلفزيونية أنه «لا يوجد قانون يجرم تأجير الأرحام»، مشيرةً إلى ضرورة تحرك الدولة لوضع قواعد لتجريم هذه العمليات. أوضحت البخاري أن الشريعة الإسلامية ترفض تأجير الرحم لأنه يؤدى إلى اختلاط الأنساب وعدم ثبوت الحقوق، ومن ثم فإن غياب التشريع يجعل هذه الممارسة مرفوضة قانونًا وشرعًا.

إلى جانب ذلك، تؤكد التقارير الدولية أن مصر تُعد من الدول التى تحظر تأجير الأرحام؛ حيث تُعد هذه الممارسة غير قانونية وغير مقبولة اجتماعيًا. ومع غياب إطار تشريعى واضح، لا توجد آلية لتسجيل الأطفال المولودين بهذه الطريقة فى السجلات الرسمية، ولا يستفيدون من حماية قانونية أو اجتماعية.

أثر تأجير الأرحام على الجنسية

ينظم قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 مسألة اكتساب الجنسية وفق مبدأ حق الدم؛ فالمادة 2 تنص على أن يكون مصريًا من يولد لأب مصرى أو لأم مصرية، كما تعتبر مصرية من يولد فى مصر لأم مصرية وأب مجهول أو عديم الجنسية. كما يعتبر اللقيط (الطفل مجهول الوالدين) مصريًا حتى يثبت العكس.

غير أن حالات تأجير الأرحام تُعقّد مسألة النسب: فقد يكون الأبوان البيولوجيان مصريين لكن الحمل تم فى رحم امرأة أخرى. ومع عدم الاعتراف القانونى بهذه الممارسة، قد يرفض السجل المدنى إثبات نسب الطفل للأبوين الحقيقيين بحجة اختلاط النسب. ونتيجة لذلك قد يُعتبر الطفل مجهول النسب ويُطبق عليه حكم اللقيط، مما يعنى أنه يُعد مصريًا وفق القانون طالما وُلد فى مصر. أما إذا حدثت العملية فى الخارج، فيصعب تسجيل الولادة فى مصر، فيظل الطفل بلا أوراق ثبوتية ويواجه خطر انعدام الجنسية.

مشكلات عملية وقصص واقعية

  1. غياب التسجيل الرسمي: لعدم وجود نص قانونيا ينظم أو يجيز تأجير الأرحام، يواجه الأطفال المولودون بهذه الطريقة صعوبات في استخراج شهادة ميلاد أو جواز سفر. تم رصد حالات لأسر سافرت إلى دول تسمح بتأجير الأرحام ثم عادت بأطفالها دون القدرة على تسجيلهم، مما يجعل الطفل عديم الجنسية.
  2. اختلاط النسب: حتى لو كان الأبوان البيولوجيان مصريين، فإن حمل الجنين في رحم امرأة أخرى قد يؤدى إلى نزاع حول النسب، خاصة فى ظل رفض المذهب الفقهى الحنفى لهذه العمليات. هذا النزاع قد يمنع التسجيل ويؤدى إلى حرمان الطفل من حقوقه في الرعاية الصحية والتعليم والجنسية.
  3. الاتجار بالأطفال: من المخاطر العملية استغلال غياب الرقابة لتسهيل الاتجار بالأطفال عبر عقود غير موثقة مع أمهات بديلات، مما يفتح الباب أمام انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

طرق الحل والمقترحات

  1. سن تشريع واضح: يحتاج البرلمان إلى إصدار قانون يحدد موقف الدولة من تأجير الأرحام، سواء بمنعها صراحة أو بتنظيمها وفق ضوابط صارمة. يجب أن يتضمن القانون آليات لتسجيل الأطفال وتحديد نسبهم وإثبات جنسيتهم.
  2. إثبات النسب بحكم قضائى: فى ظل غياب التشريع، يمكن للوالدين اللجوء إلى القضاء لإثبات نسب الطفل عبر تحاليل الحمض النووى وإصدار حكم يوجه السجل المدنى لإثبات النسب والجنسية. ويستند القاضى إلى المادة 2 من قانون الجنسية التى تمنح الجنسية لأبناء الأم المصرية والأب المصرى.
  3. التوعية والمشورة القانونية: ينبغى توعية الأسر بالرأى الشرعى والقانونى حول تأجير الأرحام، وإرشادهم إلى بدائل مشروعة مثل التبنى الداخلى أو العلاج داخل مصر بطرق مسموحة شرعًا. كما يستحسن استشارة محامٍ متخصص قبل التورط فى اتفاقيات قد تؤدى إلى انتهاك القانون.

خاتمة

يمثل تأجير الأرحام معضلة قانونية وأخلاقية في مصر نتيجة غياب التشريع ورفض المؤسسات الدينية له. إن عدم وجود إطار قانونى واضح يعرض الأطفال لخطر انعدام الجنسية ويُشجع على ممارسات غير مشروعة. ننصح – كمكتب الدكتور مصطفى الروبي للمحاماة والاستشارات القانونية – الأسر التي تفكر في اللجوء إلى تأجير الأرحام بضرورة مراجعة القوانين الحالية والتشاور مع متخصصين، كما ندعو المشرّع إلى معالجة هذا الفراغ التشريعي لضمان حماية حقوق الأطفال وأسرهم.

كتابة واعداد دكتور مصطفى الروبي

مقالات أخرى حول اكتساب الجنسية