يُعد التظهير ركيزة أساسية في تداول الأوراق التجارية، ويُلزم الموقع على الشيك بصفة “مظهر” بمسؤوليات قانونية كبيرة. ينظم هذه المسؤولية القانون التجاري رقم 17 لسنة 1999، وتُفسرها أحكام محكمة النقض المصرية التي تعمل على توحيد التطبيق القضائي، وذلك في إطار تحليل الأبعاد القانونية لمسؤولية المظهر، مع التركيز على الأسس التشريعية والتطبيقات القضائية.
المظهر هو الشخص الذي ينقل ملكية الشيك إلى شخص آخر، يُسمى المظهر إليه، من خلال عملية التظهير، وهو توقيع المستفيد على ظهر الشيك أو مكان ملحق به بقصد نقل ملكية الشيك للغير. يشترط القانون لصحة التظهير أن يكون مكتوبًا على الشيك نفسه، حيث تنص المادة 488 من القانون التجاري على وجوب كتابة التظهير على ظهر الشيك. كما يجوز تظهير الشيك بذكر اسم المظهر إليه، أو أن يكون التظهير “على بياض”، أي بتوقيع المستفيد فقط دون اسم المظهر إليه. ومن الشروط الأساسية أيضًا ألا يكون التظهير معلقًا على شرط، فالمادة 487 تنص على أن أي شرط يعلق عليه التظهير يعتبر كأن لم يكن. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون التظهير غير جزئي، بمعنى أنه لا يجوز أن يتضمن نقل ملكية جزء من قيمة الشيك، وإلا كان التظهير باطلاً، وهذا البطلان يقتصر على التظهير الأخير ولا يؤثر على التظهيرات السابقة أو على صحة الشيك نفسه.
تتخذ الطبيعة القانونية لمسؤولية المظهر طابعًا ضمانيًا وعقديًا. تنص المادة 490 من القانون التجاري على أن المظهر “يضمن الوفاء بقيمة الشيك ما لم يتفق على غير ذلك”. هذا يعني أن المظهر يلتزم بدفع قيمة الشيك إذا امتنع الساحب أو المسحوب عليه عن الوفاء، ما لم يُستثنَ صراحة في التظهير. هذه المسؤولية تعتبر تكميلية، ولا تُثار إلا بعد رفض الوفاء من البنك المسحوب عليه وقيام حامل الشيك بالإجراءات اللازمة، كالإشعار بعدم الوفاء. تجدر الإشارة إلى أن أي شرط يعفي المظهر من الضمان يعد باطلاً، وهو ما أكدته المادة 490 من قانون التجارة.
هناك حدود زمنية لنطاق المسؤولية، فإذا تم التظهير بعد رفض البنك الوفاء أو انقضاء مواعيد التقديم، تقتصر آثاره على حوالة الحق العادية طبقًا للمادة 496 من قانون التجارة. أما التظهير غير المؤرخ، فيُفترض أنه تم قبل الاحتجاج ما لم يثبت العكس.
يُتاح للمظهر بعض الدفوع القانونية للاحتجاج بها، مثل بطلان التزاماته الشخصية كعدم الأهلية أو التزوير في توقيعه، وذلك وفقًا للمادة 480. كما يمكنه الاحتجاج بانقطاع التظهيرات، فإذا لم تكن التظهيرات متصلة، يفقد الحامل صفته الشرعية بناءً على المادة 491 من القانون التجاري. ويجوز له الدفع بسوء نية الحامل، إذا ثبت أن الحامل الحالي حصل على الشيك بسوء نية أو خطأ جسيم، طبقًا للمادة 493 من القانون التجاري.
يحق للمظهر حظر تظهير الشيك مرة أخرى، وفي هذه الحالة، ينعدم ضمانه تجاه المظهرين اللاحقين، ويقتصر التداول التالي على حوالة الحق المدنية. وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن ضمان المظهر يظل قائمًا حتى مع تحول الشيك إلى أداة ضمان، ما لم يثبت سوء نية الحامل. ولا يجوز للمظهر الاحتجاج بالدفوع المبنية على علاقته الشخصية بالساحب أو الحاملين السابقين، إلا إذا قصد الحامل الإضرار به، وفقًا للمادة 494 من القانون التجاري. وفيما يخص التظهير على بياض، تواتر قضاء النقض بأن المظهر الذي يوقع على بياض يظل مسؤولًا إذا تم ملء البياض باسم شخص آخر، ما دام التوقيع أصليًا.
و يجب التمييز بين المسؤولية المدنية والجنائية للمظهر. فالمسؤولية المدنية أساسها الضمان العقدي طبقًا للمادة 490، وتُثبت باحتجاج عدم الوفاء بموجب إشعار للمظهر، ويكون الجزاء فيها التعويض عن قيمة الشيك بالإضافة إلى فوائد التأخير. أما المسؤولية الجنائية فلا تُقام إلا على الساحب، طبقًا للمادة 337 من قانون العقوبات والمادة 534 من قانون التجارة. وتتطلب إثبات توافر أركان الجريمة، كوجود رصيد غير كافٍ وسوء نية، ويكون الجزاء عقوبة الحبس أو الغرامة أو إحداهما. والأصل أن المظهر لا يُسأل جنائيًا في جريمة إصدار شيك دون رصيد إلا إذا شارك في التزوير أو الاحتيال.
و لضمان سلامة التعاملات، يُنصح المظهرون عمليًا بالتأكد من أهلية الساحب، حيث إن التزامات ناقصي الأهلية باطلة بموجب المادة 479 من القانون التجاري. كما يجب التأكد من وضوح بنود التظهير وتجنب التظهير المشروط أو الجزئي لضمان الصحة القانونية. وعند الرغبة في تقليل المسؤولية، يُنصح بتضمين عبارة “غير قابل للتظهير”. وأخيرًا، يُعد طلب اعتماد الشيك أو التأشير بالاعتماد من البنك مفيدًا لأنه يفيد تجميد مقابل الوفاء، وذلك وفقًا للمادة 482 من القانون التجاري.
https://www.facebook.com/share/p/1SW2D1idda/?mibextid=oFDknk
فى انتظار آرائكم 🙂👇🏻
مؤسسة مصطفى الروبى للمحاماة والتحكيم الدولى https://g.page/r/CZhOx7u_K9UkEBM/review
