Visit us: 170 El-Horreya El-Ibrahimia Road, Bab Sharq, Alexandria

divinext
Contact Us

رؤية شاملة للإصلاح التشريعي في مصر

مقدمة

لم يعد التغير المناخي مجرد معضلة بيئية عابرة، بل أصبح إحدى أخطر تحديات التنمية في العالم العربي، ومصر تحديدًا. فمع ارتفاع درجات الحرارة، واشتداد موجات الجفاف والعواصف، وتكرار السيول، باتت آثار التغير المناخي تلقي بظلالها على الأمن الغذائي والصحي والمائي، ما حتم ضرورة بحث حلول قانونية متكاملة. وقد كتب الدكتور مصطفى الروبي في جريدة  الفجر الإلكترونية مقالًا بعنوان “الحوكمة القانونية للتغيرات المناخية السلبية”،  نشرت بتاريخ  18/5/2025 د. مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر – الحوكمة القانونية للتغيرات المناخية السلبية. سلطنا فيه الضوء على أن التغير المناخي قضية تنموية يجب التعامل معها عبر حاكمية قانونية شاملة وركز المقال على ضرورة تحويل المواثيق الدولية إلى تشريعات وطنية لتعزيز قدرة مصر على الحد من الآثار السلبية للتغير المناخي ومواءمة جهودها مع اتفاق باريس ومخرجات مؤتمر شرم الشيخ .

في هذه الدراسة الموسعة، نستعرض الإطار القانوني الراهن لحماية البيئة في مصر، ونحلل القصور التشريعي في التعامل مع التغير المناخي، ثم نعرض رؤية جديدة للحاكمية القانونية المناخية تستجيب للتحديات المعاصرة. كما نربط الموضوع بمقالات سابقة للمكتب أكدت على أهمية تعديل قوانين البيئة وتشديد الرقابة، ونبرز دور مكتب الدكتور مصطفى الروبي – محامون ومستشارون في إثراء الوعي القانوني وإطلاق مبادرات تشريعية لحماية البيئة.

التغير المناخي: قضية تنمية ومسؤولية مشتركة

يشير الدكتور مصطفي الروبي إلى أن التغير المناخي ليس أزمة بيئية فحسب، بل قضية تنموية تتقاطع مع الأمن القومي والاقتصادي فالزراعة في دلتا النيل تواجه مخاطر جفاف وملوحة التربة، ومدن الساحل تتعرض لخطر ارتفاع مستوى البحر، والاقتصاد المصري بأكمله يرتبط بشكل وثيق بالاستقرار المناخي. وفقًا للتقارير الدولية، يعاني القطاع الزراعي من انخفاض الإنتاجية بسبب موجات الحرارة والجفاف المتكررة، كما تتهدد الثروة السمكية بسبب تغير نظم التيارات البحرية. وعلى الجانب الصحي، تزداد الأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل ضربات الشمس وأمراض الجهاز التنفسي.

إزاء هذا الواقع، تتجلى الحاجة إلى حاكمية قانونية تنظم العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في مواجهة التغير المناخي. فالمواثيق الدولية مثل اتفاق باريس وأجندة التنمية المستدامة، وإن كانت توفر إطارًا عامًا، إلا أن تفعيلها يتطلب دمج مبادئها في القوانين الوطنية، وتعديل التشريعات القائمة لمواكبة المتغيرات. كما أن نجاح أي سياسة مناخية يعتمد على مشاركة المجتمع، ولذلك لابد من نشر الوعي البيئي وإشراك المواطنين في اتخاذ القرار

الإطار القانوني الحالي ومواضع الخلل

القوانين البيئية والتشريعات المتفرقة

يعد قانون البيئة المصري رقم4 لسنة 1949  المعدل بالقوانين 9 لسنة 2015 ، الركيزة الأساسية للسياسات البيئية في مصر. وينص هذا القانون على إنشاء جهاز شؤون البيئة، ويُلزم المشروعات بتقديم دراسات تقييم أثر بيئي والحصول على تراخيص قبل بدء التنفيذiكما يتضمن القانون عقوبات وغرامات بحق المخالفين بهدف ردع التلوث. ومع ذلك، فإن هذا القانون لا يعالج بشكل مباشر قضية التغير المناخي، بل يركز على حماية الهواء والمياه والتربة من التلوث.

إلى جانب قانون البيئة، توجد تشريعات متفرقة تنظم بعض مجالات التنمية المستدامة، مثل قانون الطاقة المتجددة (المرسوم الجمهوري رقم 203  لسنة2014)، الذي يشجع على إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة؛ والقانون رقم 147 لسنة 2021  بشأن إدارة الموارد المائية والري الذي يحظر تلوث نهر النيل ويضع ضوابط لاستخدام المياه؛ وقانون إدارة المخلفات رقم مئتين واثنين لسنة ألفين وعشرين. وقد أكدت الاستراتيجية الوطنية للمناخ حتى عام2050  على دمج البعد البيئي في التخطيط العام ومضاعفة حصة الطاقة المتجددة لتصل إلى 42  بالمائة من إجمالي الكهرباء المنتجة بحلول عام   2035

ورغم هذا التراث التشريعي، تظل مسألة التغير المناخي غائبة عن النصوص القانونية بصورة صريحة، حيث لا يوجد قانون شامل يحدد مسؤوليات المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمواطنين في مواجهة التغير المناخي، ولا يضع أهدافًا ملزمة لخفض الانبعاثات أو التكيف مع الآثار المناخية كما أن القوانين الحالية تعاني من التشتت والتداخل في الاختصاصات، مما يعيق تنفيذها ويضعف الرقابة.

غياب قانون موحد للتغير المناخي

توضح مصادر قانونية أن مصر لا تمتلك حتى الآن قانونًا خاصًا بتغير المناخ، وأن معالجة ملف الغازات الدفيئة والانبعاثات يتم عبر لوائح متعددة تتوزع على وزارات مختلفة وحتى مشروع تعديل قانون البيئة لم يتضمن في صيغته الأخيرة نصوصًا صريحة لمعالجة التغير المناخي، باستثناء إشارات عامة للحد من الانبعاثات. هذا النقص يخلق فراغًا قانونيًا ويجعل من الصعب محاسبة الجهات المتسببة في الانبعاثات الكبيرة، كما يعرقل الاستثمار في مشروعات الاقتصاد الأخضر نظرًا لغياب الحوافز الواضحة.

ضعف المؤسسات وتداخل الاختصاصات

أنشأ رئيس مجلس الوزراء بمقتضى قرار رقم1912  لسنة 2015 ، وأصبح هذا المجلس فعالًا في عام2019  ومع ذلك، لا يتمتع المجلس بسلطات تشريعية؛ فهو يتولى التنسيق بين الوزارات وإعداد الاستراتيجيات دون أن يمتلك آلية إلزامية لتنفيذها. كما أن جهاز شؤون البيئة، التابع لوزارة البيئة، مكلف بتنفيذ قانون البيئة ومتابعة التزام المنشآت، لكنه يفتقد الموارد الكافية والصلاحيات المباشرةالقضاء  لتحصيل الغرامات وتنفيذ أحكام

من ناحية أخرى، تعتمد الإدارة البيئية في مصر على التعاون بين وزارات الطاقة والصناعة والزراعة والنقل، وهو ما يخلق فجوات وتكرارًا في العمل التشريعي. على سبيل المثال، تتطلب بعض المشروعات الحصول على موافقات من جهات مختلفة لإجراء دراسات تقييم الأثر البيئي، ما يؤدي إلى بطء الإجراءات وتأخير الاستثمارات  كما أن السيطرة على الانبعاثات من المصانع والمركبات ترتبط بأكثر من جهة حكومية، في غياب جهة موحدة للإشراف والرقابة.

رؤية جديدة لحوكمة قانونية شاملة للتغير المناخي

تقدم مقالة الدكتور الروبي رؤية مبتكرة ترتكز على إنشاء هيئة قومية للتغيرات المناخية تكون مسؤولة عن صياغة استراتيجية وطنية لمواجهة التغيرات المناخية، برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء البيئة والثقافة والحكم المحلي والإسكان والزراعة، بمشاركة خبراء في الطاقة المتجددة. يهدف إنشاء هذه الهيئة إلى توحيد الجهود الحكومية وتعزيز قدرات التخطيط والرقابة، وتكون مهمتها وضع خطط تنفيذية لتحقيق الأهداف الوطنية والإشراف على تنفيذ الاتفاقيات الدولية.

إصدار قانون بيئي موحد

يقترح المقال إصدار قانون بيئي موحد يشمل جميع القطاعات والأنشطة التي قد تسهم في التغير المناخي، خصوصًا الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ينبغي أن يحدد هذا القانون أهدافًا واضحة لخفض الانبعاثات، مثل وضع حد أقصى لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون للقطاعات الصناعية، وإلزام الشركات بإجراءات التوافق مع الاتفاقات الدولية. كما يمكن أن ينص القانون على إنشاء برامج وطنية لزيادة الرقعة الخضراء وتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر. وتوفر التشريعات الحالية بعض الحوافز للمستثمرين في الطاقة النظيفة، مثل قانون تشجيع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ولكنها لا تتضمن آليات تمويل كافية للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.

تعزيز الحوكمة المؤسسية والتنسيق بين الجهات

توصي الدراسة بضرورة تعديل الهيكل المؤسسي القائم بحيث تمنح الهيئة المقترحة سلطات أوسع في إصدار اللوائح والرقابة على تنفيذها. كما يجب تحديد اختصاصات واضحة لكل جهة حكومية لمنع التداخل، وإنشاء قاعدة بيانات موحدة لتتبع الانبعاثات والمبادرات. ويمكن الاستفادة من الخبرات الدولية، مثل تجربة الوكالة الأوروبية للبيئة التي تضع خططًا متوسطة وطويلة الأمد لتحقيق الحياد الكربوني، حيث تصنف الأنشطة حسب درجة المخاطر وتفرض متطلبات الشفافية والإفصاح على الجهات المنتجة للتلوث  كما يجب تدريب الكوادر القانونية والفنية على استخدام منهجيات تقييم الأثر المناخي بشكل محدث، وتطوير برامج لبناء القدرات في الجامعات والمعاهد المتخصصة.

تبني آلية قانونية لتمويل المناخ

أحد أهم التحديات هو تمويل الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر. ويشير تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى أن أسواق الكربون يمكن أن تساهم في تمويل البرامج المناخية، حيث تسمح بتداول شهادات خفض الانبعاثات وتحقق عوائد مالية تدعم التحول إلى الاقتصاد الأخضرومع أن مصر لا تفرض حتى الآن ضريبة كربون، فإن الهيئة العامة للرقابة المالية أصدرت عام 2023  قرارات بإنشاء لجنة إشرافية على وحدات خفض الانبعاثات للتأكد من صحة إصدارها وتداولها ينبغي تضمين قانون المناخ المقترح آليات أكثر وضوحًا لتمويل المشاريع الخضراء، مثل إنشاء صندوق وطني لتمويل مبادرات الطاقة المتجددة، وتقديم حوافز ضريبية للاستثمار في البنية التحتية الصديقة للبيئة. كما يمكن تسهيل منح “الرخصة الذهبية” للمشروعات التي تسهم في خفض الانبعاثات، وهي رخصة تمنح الموافقة الشاملة للمشروعات الإستراتيجية لتسهيل الإجراءات.

الزراعة والمياه: محور رئيس للتكيف

يعتبر قطاعا الزراعة والمياه من أكثر القطاعات تضررًا بالتغير المناخي في مصر. وبحسب الدراسات، فإن ارتفاع درجات الحرارة ونقص مياه النيل قد يؤديان إلى تقليل إنتاجية المحاصيل الأساسية، مثل القمح والأرز والذرة، مما يهدد الأمن الغذائي. وتشير الإستراتيجية الوطنية للتغير المناخي إلى ضرورة تعزيز مرونة القطاع الزراعي عبر إدخال أصناف مقاومة للجفاف والحرارة، وتطوير نظم الري الحديثة. كما يتطلب الأمر حماية الموارد المائية عبر التشريعات التي تمنع تلوث النيل والبحيرات وتشجع إعادة استخدام المياه المعالجة وهنا تأتي أهمية قانون الإدارة المتكاملة للموارد المائية والري الذي يجرم التعديات على نهر النيل ويضع حوافز للتوفير وإعادة الاستخدام.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع الزراعة الذكية مناخيًا عبر سن قوانين تحفز استخدام التقنيات الحديثة، مثل أنظمة الاستشعار عن بُعد لمراقبة المحاصيل، وتطبيق أدوات التحليل البيئي للتنبؤ بالظواهر الجوية والتعامل معها. ويمكن أن يضم القانون المقترح أحكامًا تلزم الشركات الزراعية الكبرى بتطبيق ممارسات زراعية مستدامة والحصول على شهادات مطابقة بيئية.

الطاقة المتجددة والمدينة المستدامة

أشار المقال إلى أن الحوكمة القانونية للتغير المناخي تتطلب إنشاء وزارة للطاقة المتجددة لتتولى الإشراف على التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة وتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري  وقد حققت مصر خطوات مهمة في هذا المجال، حيث بلغت قدرة الطاقة المتجددة أكثر من ثلاثة آلاف ميغاوات، وتستهدف أن تصل إلى نسبة    مرتفعة من إجمالي الكهرباء بحلول عام 2035 كما أطلقت الحكومة مؤخرًا الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون لتصبح مصر مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر

ولكي تكتمل هذه المبادرات، يجب أن تُعزَّز بتشريعات تحفز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا، وتسهل تسجيل براءات الاختراع في مجالات الطاقة النظيفة، وتدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تنتج معدات الطاقة المتجددة. كما ينبغي تشجيع النقل الكهربائي، وتنظيم معايير كفاءة الطاقة للمباني، وإصدار لوائح تلزم الشركات الصناعية بتبني تقنيات الحد من الكربون. وبخصوص المدن، يدعو المقال إلى بناء مدن سكنية تعتمد على النظم الإيكولوجية الفاعل؛ وهذا يتطلب وضع معايير عمرانية جديدة تراعي استخدام مواد صديقة للبيئة، ومساحات خضراء واسعة، وأنظمة إدارة مياه الأمطار، وتشجيع النقل الجماعي.

المشاركة المجتمعية والتوعية

لا يمكن تحقيق الحوكمة القانونية للتغير المناخي دون إشراك المواطنين في العملية القانونية. ولذلك يشدد المقال على ضرورة إجراء حوار مجتمعي شامل لنشر الوعي البيئي وترسيخ “ميثاق المسؤولية المشتركة”. ويجب أن يشمل ذلك إدماج موضوعات تغير المناخ في المناهج المدرسية والجامعية، وتنظيم حملات توعوية عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وتوفير برامج تدريب للمزارعين والصناعيين حول التقنيات النظيفة.

كما ينص الدستور المصري على حق المواطنين في بيئة صحية وسليمة ويمنحهم الحق في الإبلاغ عن المخالفات البيئية. لذلك، ينبغي توفير آليات فعالة لاستقبال شكاوى المواطنين وتعزيز الشفافية في عمل الجهات الحكومية. ويمكن إنشاء منصة إلكترونية موحدة لتقديم البلاغات البيئية ومتابعتها، وإدراج المؤشرات البيئية في التقارير الحكومية بهدف زيادة الرقابة الشعبية.

التعاون الدولي والأطر العالمية

تربط المقالة بين الحوكمة القانونية الوطنية والتعاون الدولي، حيث يشير الدكتور الروبي إلى أن نجاح أي استراتيجية وطنية يعتمد على التزام المجتمع الدولي بحوكمة قانونية شاملة. ويعد    فرصة مصرية لإطلاق مبادرة دولية لإنشاء منظمة عالمية للتغيرات المناخية تشرف على تنفيذ التعهدات وتدعم الدول النامية في مواجهة الآثار المناخية

على المستوى التشريعي، يجب على مصر مواءمة قوانينها مع اتفاق باريس للمناخ، حيث تعهدت بخفض الانبعاثات وفقًا لمساهمتها المحددة وطنيًا، والعمل على تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن. وتشير تقارير دولية إلى أن مصر تقدمت بإسهامها الوطني الثاني في عام 2023 ضمن إطار اتفاق باريس ووضعت أهدافًا لزيادة حصة الطاقة المتجددة وتعزيز التمويل المناخي. كما ينبغي متابعة العمل مع الدول العربية والأفريقية لإقرار اتفاقية عربية لمكافحة التغير المناخي، ودعم برامج الاتحاد الأفريقي للتحول الأخضر.

التحديات والعقبات

رغم وجود مبادرات متعددة، تواجه مصر عددًا من التحديات في طريق الحوكمة القانونية للتغير المناخي:

  1. نقص التشريعات الخاصة بالمناخ: كما تمت الإشارة، لا يوجد قانون شامل لتنظيم الانبعاثات أو التكيف مع التغير المناخي، ما يجعل الإجراءات الحالية متفرقة وغير إلزامية.
  2. ضعف التنسيق المؤسسي: تعدد الجهات المسؤولة يخلق عوائق بيروقراطية ويبطئ اتخاذ القرار، فيما يفتقر المجلس القومي للتغيرات المناخية إلى الصلاحيات التنفيذية
  3. تمويل محدود: لا تزال آليات التمويل المناخي ضعيفة، إذ يعتمد تنفيذ البرامج على مساعدات دولية وقروض مشروطة، بينما لا يوجد صندوق وطني فعال لتمويل مبادرات الحد من الانبعاثات.
  4. نقص الوعي المجتمعي: لا يزال وعي الجمهور بالتغير المناخي محدودًا؛ فكثيرون يرون القضية بعيدة عن حياتهم اليومية. كما أن الإعلام لا يلعب دورًا كافيًا في توضيح أخطار التغير المناخي.
  5. ضعف تطبيق القانون: على الرغم من وجود قوانين بيئية، إلا أن تطبيقها على الأرض يواجه تحديات، مثل ضعف الرقابة وتعدد أجهزة التفتيش، وبعض الفساد الإداري.

توصيات لإرساء حوكمة قانونية فعالة

استنادًا إلى الأفكار الواردة في المقال والبحوث القانونية، نقترح مجموعة من الإجراءات:

  1. سن قانون شامل للمناخ يتضمن أهدافًا زمنية لخفض الانبعاثات، وآليات إلزامية لمراقبة الأداء البيئي للقطاعات، ويحدد المسؤوليات بوضوح.
  2. توحيد الجهات المعنية في هيئة قومية للتغيرات المناخية تتمتع بالصلاحيات التشريعية والتنفيذية، وتعمل كحلقة وصل بين الوزارات والقطاع الخاص والمجتمع المدني
  3. تعزيز التمويل المناخي بإطلاق صندوق وطني لتمويل المشروعات الخضراء، وإصدار سندات مناخية محلية، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة عبر حوافز ضريبية وقروض ميسرة
  4. تعديل نظام التعليم لإدماج موضوعات تغير المناخ والاقتصاد الأخضر في المناهج، وتطوير برامج تدريبية للمسؤولين المحليين والقطاع الخاص.
  5. بناء قدرات القضاء على التعامل مع النزاعات البيئية والمناخية، وتخصيص دوائر قضائية متخصصة للفصل في المنازعات المتعلقة بالتغير المناخي.
  6. تحسين الشفافية والمشاركة عبر إطلاق منصة إلكترونية لجمع بيانات الانبعاثات ونشرها بصورة علنية، وتسهيل تقديم الشكاوى البيئية
  7. تعزيز التعاون الدولي بتوقيع اتفاقيات ثنائية وإقليمية لنقل التكنولوجيا الخضراء، والمشاركة في برامج الأمم المتحدة لتطوير القدرات في مجال مكافحة التغير المناخي.
  8. تمكين المجتمع المدني من المشاركة في صنع القرار البيئي، ومنح الجمعيات الحقوقية البيئية الحق في الطعن على القرارات الحكومية التي تتعارض مع حماية البيئة.
  9. دعم البحث العلمي في مجالات الطاقة المتجددة والزراعة الذكية وعلوم المناخ، وإنشاء مراكز بحث حكومية في الجامعات المصرية تعنى بتطوير حلول محلية.

دور مكتب الدكتور مصطفى الروبي في دعم الحوكمة المناخية

يقوم مكتب الدكتور مصطفى الروبي – محامون .مستشارون  بدور ريادي في نشر الثقافة القانونية المتعلقة بالتغير المناخي. ففي مقالات سابقة على موقع المكتب، تم تسليط الضوء على قانون البيئة الموحد والتعديلات المقترحة عليه، وتشديد العقوبات على التلوث البحري وحماية البيئة الساحلية، إضافة إلى مناقشة حقوق الشاحن والمستورد في قانون التجارة البحرية الجديد. وكما سبق أن أشرنا في مقالات سابقة، يؤمن المكتب بأن القانون يجب أن يواكب التطورات التكنولوجية والبيئية، ويقدم استشارات للشركات حول الالتزام البيئي وتقليل الانبعاثات.

في هذا السياق، يدعو المكتب إلى تبني نهج تشاركي في صياغة قوانين المناخ، حيث يشارك المحامون والباحثون في جلسات استماع برلمانية، ويطرحون مقترحات عملية لضمان فعالية التشريعات الجديدة. كما يوفر المكتب خدمات استشارية للشركات الصناعية والزراعية لمساعدتها على الامتثال للقوانين البيئية والانتقال إلى ممارسات أكثر استدامة.

خاتمة

التغير المناخي حقيقة صارخة تتطلب إجراءات قانونية عاجلة تتجاوز الحلول الجزئية. إن الحوكمة القانونية للتغيرات المناخية تمثل خيارًا استراتيجيًا لا يمكن التراجع عنه، وهي السبيل لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة. تتضمن هذه الحوكمة صياغة تشريعات موحدة، وتأسيس هيئة قومية قوية، وتنمية الوعي المجتمعي، وتعزيز التمويل والتعاون الدولي. كما يجب أن تضمن هذه الحوكمة العدالة المناخية، بحيث تتحمل الجهات الملوثة مسؤولياتها، ويحظى المواطنون بحقهم في بيئة صحية، وتتاح فرص متكافئة للدول النامية لتحقيق التنمية المستدامة.

لقد أكدت مقالة الدكتور مصطفى الروبي أن مصر، بقيادة سياسية واعية، قادرة على لعب دور ريادي في هذا المجال وعبر هذه الدراسة، حاولنا تقديم رؤية شاملة تجمع بين التشريعات الحالية والفرص المستقبلية، وتُبرز ضرورة الإصلاح التشريعي للتعامل مع التحديات المناخية. ويبقى مكتب الدكتور مصطفى الروبي محامون . مستشارون  شريكًا للمجتمع في هذا الطريق، عبر تقديم الدعم القانوني والمساهمة في صياغة قوانين المستقبل.

د. مصطفى الروبي يكتب في جريدة الفجر – الحوكمة القانونية للتغيرات المناخية السلبية.