Visit us: 170 El-Horreya El-Ibrahimia Road, Bab Sharq, Alexandria

divinext
Contact Us

تعد مسألة الحصول على إذن بالتجنّس بجنسية أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية من أكثر الموضوعات إثارة للنقاش في الأعوام الأخيرة. فمواطنون مصريون يرغبون في اكتساب جنسية أجنبية لأسباب اجتماعية أو اقتصادية أو عائلية، لكنهم يسعون في الوقت نفسه إلى الحفاظ على صلتهم القانونية بمصر وما يرتبط بها من حقوق وواجبات. وقد نص قانون الجنسية المصري رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ على حظر اكتساب جنسية أخرى دون إذن، لكنه منح مجالاً للاحتفاظ بالجنسية المصرية بشروط محددة. هذه المقالة تستعرض الإطار القانوني والممارسة العملية والشروط والوثائق المطلوبة، وتناقش المشكلات التى يواجهها المتقدمون، مع أمثلة واقعية ونصائح عملية.

الأساس القانوني

المادة ١٠ من قانون الجنسية

تنص المادة ١٠ من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ على أنه «لا يجوز للمصري أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن بذلك، وإلا ظل معتبرًا مصريًا من جميع الوجوه ما لم يُقرر مجلس الوزراء إسقاط الجنسية عنه». وتجيز المادة نفسها لمن حصل على الإذن بالتجنّس أن يحتفظ بجنسيته المصرية له ولزوجته وأولاده القُصَّر إذا أعلن رغبته في ذلك خلال سنة من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية. وتكمل المادة ١١ القاعدة بإعفاء الزوجة والأولاد القُصَّر من فقد الجنسية إذا رغبوا في الاحتفاظ بها، بشرط تقديم طلب خلال سنة.

هذه النصوص تُبرز أمرين رئيسيين:

  1. ضرورة الحصول على إذن مسبق من وزير الداخلية قبل اكتساب جنسية أخرى. عدم الحصول على هذا الإذن يعرض الشخص لاحتمال إسقاط الجنسية المصرية بقرار من مجلس الوزراء.
  2. حق الاحتفاظ بالجنسية المصرية لمن حصل على الإذن، بشرط أن يعلن رغبته هو ومن يشملهم الإذن خلال سنة من التجنس الأجنبي. وهذه المهلة الزمنية جوهرية؛ فمن يسكت عنها يفقد حقه في الاحتفاظ بالجنسية.

إجراءات الحصول على الإذن والاحتفاظ بالجنسية

1. تقديم الطلب

يمكن للمواطن الراغب في التجنس بجنسية أجنبية أن يقدِّم الطلب بنفسه أو من خلال وكيل قانوني. وقد أطلقت وزارة الداخلية المصرية خدمة إلكترونية عبر بوابة «الجنسية الإلكترونية» لقبول الطلبات ودفع الرسوم. يشترط القانون تقديم الطلب بعد الحصول على موافقة الدولة الأجنبية على التجنس، إذ لا يقبل الطلب قبل صدور قرار الدولة المانحة للجنسية الجديدة.

2. الوثائق المطلوبة

وفق إرشادات وزارة الداخلية وأدلة القنصليات المصرية، يحتاج المتقدم إلى تجهيز عدد من الوثائق الأساسية:

  • شهادة الميلاد المصرية للمتقدم، وفي بعض الحالات شهادة ميلاد الأب أو الجد لإثبات الأصل المصري.
  • جواز السفر الأجنبي وشهادة التجنس الصادرة عن الدولة الأجنبية لإثبات اكتساب الجنسية الجديدة.
  • بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر المصري الساري لإثبات الشخصية.
  • إقرار بالاحتفاظ بالجنسية يوقعه المتقدم، يعلن فيه رغبته في الاحتفاظ بالجنسية المصرية.
  • شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء (للمتقدمين الذكور) وأوراق الحركات خلال العامين السابقين لتقديم الطلب.
  • عدد ٤ صور شخصية حديثة، مع سداد رسوم الخدمة الإلكترونية (٢٠ جنيهًا تقريبًا).

في حال تقديم الطلب خارج مصر من خلال قنصليات أو سفارات، يلزم كذلك تقديم شهادة ميلاد الأب أو الجد الموثقة وشهادة الزواج المترجمة في حالة الزوجة، وإقرار مكتوب من الزوج المصري بالموافقة على احتفاظ زوجته بالجنسية المصرية.

3. معالجة الطلب ومدة الانتظار

بعد تقديم الطلب مستوفيًا المستندات، تقوم مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية بمراجعة الوثائق والتحقق من صحة البيانات وإجراء التحريات الأمنية اللازمة. تحدد وزارة الداخلية مدة مبدئية قدرها ثلاثة أشهر لإنهاء إجراءات الفحص وإصدار القرار، مع إمكانية تمديد المدة إذا تطلب الأمر تحريات إضافية. لا تفرض الخدمة نفسها رسومًا على الطلب سوى أجر بسيط للخدمة الإلكترونية، لكن المستندات والإجراءات قد تستلزم مصروفات أخرى كالتصديقات والترجمة.

4. قرار الإذن وإعلان الاحتفاظ بالجنسية

إذا رأت وزارة الداخلية الموافقة، يصدر القرار متضمنًا إذنًا بالتجنس مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية للمتقدم ومن يشملهم. ويجب على صاحب الشأن أن يعلن رغبته في الاحتفاظ بالجنسية خلال سنة من اكتسابه الجنسية الأجنبية، وإلا اعتُبر متنازلًا عنها وفق أحكام المادة ١٠.

تطبيقات قضائية وحالات عملية

قرارات السماح المعلنة في ٢٠٢٥

نشرت الصحف الرسمية في أغسطس ٢٠٢٥ قرارًا لوزارة الداخلية بالموافقة على طلبات ٢١ مواطنًا للحصول على جنسيات أجنبية مختلفة مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية. جاءت هذه القرارات تنفيذًا للمادة ١٠، إذ أشير إلى أن الطلبات مستوفية للشروط ولم تمنعها أية اعتبارات أمنية. وقد تضمنت القرارات أسماء المواطنين والجنسيات التي يرغبون في الحصول عليها، وأكدت أنه يجوز لهم ولأطفالهم القُصَّر الاحتفاظ بالجنسية المصرية طالما أعلنوا الرغبة خلال المهلة.

حدود سلطة الإدارة وأحقية الاحتفاظ بالجنسية

أقرت أحكام القضاء الإداري أن وزارة الداخلية ليست لها سلطة تقديرية في رفض طلب الاحتفاظ بالجنسية إذا استوفى مقدمه الشروط القانونية وقدَّم الإقرار في الميعاد؛ إذ يعد الاحتفاظ بالجنسية حقًا مكتسبًا تقيّده اعتبارات الأمن العام والالتزام بأحكام القانون. ومع ذلك، قد ترفض الوزارة الطلب إذا ثبت أن المتقدم ارتكب أفعالًا تضر بالأمن القومي أو انضم إلى تنظيمات محظورة، وفق ما يجيزه قانون الجنسية في مواد أخرى (مثل المادة ١٦ الخاصة بإسقاط الجنسية).

المشكلات العملية الشائعة

رغم وضوح الإطار القانوني، يواجه المتقدمون عدة عوائق عملية أبرزها:

  1. تعقيد المستندات: قد يتعذر على البعض توفير شهادات الميلاد القديمة للأب أو الجد خاصة لمن لديهم أصول بعيدة، أو الحصول على شهادة تجنّس الدولة الأجنبية قبل صدور موافقتها النهائية. ينصح بالتحضير المبكر للمستندات والتحقق من توثيقها وترجمتها رسميًا.
  2. طول فترة التحريات الأمنية: قد تمتد مدة البت في الطلب لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب التحريات الأمنية، مما يؤخر إصدار القرار ويؤثر على خطط المتقدم. من المهم متابعة الطلب عبر القنوات الرسمية والاستفسار عن الأسباب إذا طال التأخير.
  3. عدم إدراك مهلة السنة: يغفل بعض المتجنسين ضرورة إعلان رغبتهم في الاحتفاظ بالجنسية المصرية خلال سنة من اكتسابهم الجنسية الأجنبية، مما يؤدي إلى فقد الحق في الاحتفاظ بالجنسية. لذا يجب تقديم هذا الإعلان فور الحصول على قرار الدولة الأجنبية.
  4. تضارب القوانين الأجنبية: بعض الدول تشترط التخلي عن الجنسيات الأخرى عند التجنّس بها، ما يعني أن الاحتفاظ بالجنسية المصرية قد يخالف قوانين تلك الدول. يجب التأكد من سياسة الدولة الأجنبية تجاه ازدواج الجنسية قبل البدء بالإجراءات.

التوصيات والنصائح العملية

  1. استشارة قانونية مبكرة: يُنصح بالتواصل مع محامٍ متخصص في قانون الجنسية لفحص الموقف القانوني وتقديم المشورة حول المستندات المطلوبة والإجراءات الزمنية، خاصة في الحالات المعقدة كازدواج الجنسية أو تعدد الأزواج.
  2. تحضير المستندات بدقة: يجب التأكد من صحة بيانات شهادات الميلاد وجوازات السفر، وترجمتها ترجمة محلفة عند الحاجة، بالإضافة إلى استخراج شهادة تحركات عسكرية للذكور.
  3. متابعة الطلب دوريًا: يمكن للمتقدم متابعة حالة طلبه عبر بوابة الجنسية الإلكترونية أو من خلال القنصلية إذا كان يقيم خارج مصر، والاستفسار عن أي نواقص أو تحريات إضافية.
  4. فهم الآثار القانونية: الاحتفاظ بالجنسية المصرية بعد التجنّس الأجنبي يترتب عليه التزامات قانونية، مثل إمكانية الإعفاء من الخدمة العسكرية ولكن استمرار الالتزام الضريبي في بعض الحالات. يجب دراسة هذه الآثار مع متخصصين.

إذن التجنّس بجنسية أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية يمثل توازنًا بين حق المواطن في توسيع خياراته وفرصة الدولة في الحفاظ على ولاء مواطنيها. يمنح القانون حق الاحتفاظ بالجنسية بشروط واضحة، لكنه يشترط الإذن المسبق وإعلان الرغبة خلال مهلة محددة. التطبيق العملي يكشف عن تحديات تتعلق بالمستندات والتحريات، لكن المتابعة الدقيقة للمسار القانوني والتزام التعليمات يضمن الحصول على القرار بأقل قدر من التعقيدات.

ننصح كمكتب الدكتور مصطفى الروبي للمحاماة كل من يعتزم التجنس بجنسية أجنبية بأن يبدأ التحضير مبكرًا، ويستعين بخبير قانوني، ويتابع طلبه باستمرار حتى يتحصل على الإذن ويحافظ على حقوقه كمواطن مصري.

كتابة واعداد الدكتور مصطفى الروبي

مقالات أخرى حول اكتساب الجنسية